الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ***
فائدتان: إحْدَاهُمَا: قَوْلُهُ: وما فيه منه شَيْئَانِ فَفِيهِمَا الدِّيَةُ وفي أَحَدِهِمَا نِصْفُهَا كَالْعَيْنَيْنِ بِلَا نِزَاعٍ لَكِنْ لو كان في الْعَيْنَيْنِ بَيَاضٌ نَقَصَ من الدِّيَةِ بِقَدْرِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَعَنْهُ تَجِبُ الدِّيَةُ كَامِلَةً جَزَمَ بِهِ في التَّرْغِيبِ كما لو كانت حَوْلَاءَ وَعَمْشَاءَ مع رَدِّ الْمَبِيعِ بِهِمَا. الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ: وَالْأُذُنَيْنِ يَعْنِي فِيهِمَا الدِّيَةُ بِلَا نِزَاعٍ وقال في الْوَسِيلَةِ في أَشْرَافِ الْأُذُنَيْنِ الدِّيَةُ وهو جِلْدُ ما بين الْعِذَارِ وَالْبَيَاضِ الذي حَوْلَهُمَا نَصَّ عليه وقال في الْوَاضِحِ في أَصْدَافِ الْأُذُنَيْنِ الدِّيَةُ. قَوْلُهُ: وَالشَّفَتَيْنِ يَعْنِي في كل وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا نِصْفُ الدِّيَةِ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَعَنْهُ في الشَّفَةِ السُّفْلَى ثُلُثَا الدِّيَةِ وفي الْعُلْيَا ثُلُثُهَا.
فوائد: إحْدَاهَا. قَوْلُهُ: وَثُنْدُوَتَيْ الرَّجُلِ يَعْنِي فِيهِمَا الدِّيَةُ كَثُنْدُوَتَيْ الْمَرْأَةِ وهو صَحِيحٌ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ.
تنبيه: ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَالْيَدَيْنِ يَعْنِي فِيهِمَا الدِّيَةُ أَنَّ الْمُرْتَعِشَ كَالصَّحِيحِ وَأَنَّ في يَدَيْهِ الدِّيَةَ كَالصَّحِيحَتَيْنِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ من الْأصحاب وهو صَحِيحٌ وقد صَرَّحَ بِهِ أبو الْخَطَّابِ في الِانْتِصَارِ وابن عَقِيلٍ. الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ: وَالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ يَعْنِي في كُلٍّ مِنْهُمَا الدِّيَةُ وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ وَلَوْ كان قَدَمَ أَعْرَجَ وَيَدَ أَعْسَمَ وهو عِوَجٌ في الرُّسْغِ وَجَبَتْ الدِّيَةُ أَيْضًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْأصحاب وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال أبو بَكْرٍ فيه حُكُومَةٌ. الثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ: وَالْأَلْيَتَيْنِ يَعْنِي فِيهِمَا الدِّيَةُ وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ وَهُمَا ما عَلَا وَأَشْرَفَ على الظَّهْرِ وَعَنْ اسْتِوَائَيْ الْفَخِذَيْنِ وَإِنْ لم يَصِلْ الْعَظْمَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَنَقَل ابن مَنْصُورٍ فِيهِمَا الدِّيَةُ إذَا قُطِعَتَا حتى يَبْلُغَ الْعَظْمَ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقَوْلُهُ وَالْأُنْثَيَيْنِ يَعْنِي فِيهِمَا الدِّيَةُ فَقَطْ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَذَكَرَ في الِانْتِصَارِ احْتِمَالًا يَجِبُ فِيهِمَا دِيَةٌ وَحُكُومَةٌ لِنُقْصَانِ الذَّكَرِ بِقَطْعِهِمَا وما هو بِبَعِيدٍ.
فائدة: قَوْلُهُ: وَإِسْكَتَيْ الْمَرْأَةِ اسكتا الْمَرْأَةِ هُمَا شُفْرَاهَا يَعْنِي فِيهِمَا الدِّيَةُ لو قَطَعَهُمَا وَكَذَا لو أَشَلَّهُمَا وفي رَكَبِ الْمَرْأَةِ حُكُومَةٌ وهو عَانَتُهَا وَكَذَلِكَ في عَانَةِ الرَّجُلِ حُكُومَةٌ. قَوْلُهُ: وفي الْمَنْخِرَيْنِ ثُلُثَا الدِّيَةِ وفي الْحَاجِزِ ثُلُثُهَا هذا الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ في الْمَنْخِرَيْنِ الدِّيَةُ وفي الْحَاجِزِ حُكُومَةٌ قال الزَّرْكَشِيُّ هذه الْمَشْهُورَةُ من الرِّوَايَتَيْنِ.
فائدة: قَوْلُهُ: وفي الظُّفْرِ خُمُسُ دِيَةِ الْإِصْبَعِ وهو بَعِيرَانِ وهو صَحِيحٌ لَا نِزَاعَ فيه وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَسَوَاءٌ كانت من يَدٍ أو رِجْلٍ. قَوْلُهُ: وفي كل سِنٍّ خَمْسٌ من الْإِبِلِ إذَا قُلِعَتْ مِمَّنْ قد ثُغِرَ يَعْنِي إذَا لم تَعُدْ لِكَوْنِهِ بَدَلَهَا وَسَوَاءٌ قَلَعَهَا بِسِنْخِهَا أو قَلَعَ الظَّاهِرَ فَقَطْ وَهَذَا الْمَذْهَبُ قال ابن مُنَجَّا وَالزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ إنْ لم يَكُنْ بَدَلَهَا فَحُكُومَةٌ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَجِبَ في جَمِيعِهَا دِيَةٌ وَاحِدَةٌ وهو لِأَبِي الْخَطَّابِ وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ فعليها [فعليهما] في كل ضِرْسٍ بَعِيرَانِ لِأَنَّ الْمَوْجُودَ من فَوْقُ ثَنِيَّتَانِ وَرَبَاعِيَتَانِ وَنَابَانِ وَضَاحِكَانِ وَنَاجِذَانِ وَسِتَّةُ طَوَاحِينَ وَمِنْ أَسْفَلُ مِثْلُهَا قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ قال الْمُصَنِّفُ يَتَعَيَّنُ حَمْلُ هذه الرِّوَايَةِ على مِثْلِ قَوْلِ سَعِيدِ بن الْمُسَيِّبِ رَحِمَهُ اللَّهُ لِلْإِجْمَاعِ على أَنَّ في كل سِنٍّ خَمْسًا من الْإِبِلِ وَوَرَدَ الْحَدِيثُ بِذَلِكَ فَيَكُونُ في الْأَسْنَانِ وَالْأَنْيَابِ سِتُّونَ بَعِيرًا لِأَنَّ فيه أَرْبَعَ ثَنَايَا وَأَرْبَعَ رَبَاعِيَاتٍ وَأَرْبَعَةَ أَنْيَابٍ فيها خَمْسٌ وَفِيهِ عِشْرُونَ ضِرْسًا في كل جَانِبٍ عَشْرَةٌ خَمْسَةٌ من فَوْقُ وَخَمْسَةٌ من أَسْفَلُ فَيَكُونُ فيها أَرْبَعُونَ بَعِيرًا في كل ضِرْسٍ بَعِيرَانِ فَتَكْمُلُ الدِّيَةُ انتهى. وقال أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ إنْ قَلَعَ أَسْنَانَهُ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَجَبَتْ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ قال في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِي وَإِنْ قَلَعَ الْكُلَّ أو فَوْقَ الْعِشْرِينَ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَجَبَتْ دِيَةٌ وَثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهَا وَقِيلَ دِيَةٌ فَقَطْ قُلْت وفي الْقَوْلِ الْأَوَّلِ سَهْوٌ فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّهُمْ حكموا [حكوا] أَنَّ في قَلْعِ ما فَوْقَ الْعِشْرِينَ دِيَةٌ وَثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهَا وَذَلِكَ لَا يَتَأَتَّى إلَّا في قَلْعِ الْجَمِيعِ وهو اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ لَا فِيمَا دُونَهَا وَالصَّوَابُ ما قَالَهُ في الْمُحَرَّرِ وهو وَقِيلَ إنْ قَلَعَ الْكُلَّ أو فَوْقَ الْعِشْرِينَ دَفْعَةً لم يَجِبْ سِوَى الدِّيَةِ فَهَذَا وَجْهُهُ ظَاهِرٌ.
فائدة: لو قَلَعَ من السِّنِّ ما بَطَنَ منه في اللَّحْمِ وهو السِّنْخُ بِالنُّونِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ فَفِيهِ حُكُومَةٌ قَالَهُ الْأصحاب منهم صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالشَّرْحِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وقال في التَّرْغِيبِ في سِنْخِهِ حُكُومَةٌ وَلَا تَدْخُلُ في حِسَابِ النِّسْبَةِ. قَوْلُهُ: وَتَجِبُ دِيَةُ الْيَدِ وَالرِّجْلِ في قَطْعِهِمَا من الْكُوعِ وَالْكَعْبِ فَإِنْ قَطَعَهُمَا من فَوْقِ ذلك لم يَزِدْ على الدِّيَةِ في ظَاهِرِ كَلَامِهِ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ أبي طَالِبٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ وقال الْقَاضِي في الزَّائِدِ حُكُومَةٌ وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ. قَوْلُهُ: وفي مَارِنِ الْأَنْفِ دِيَةُ الْعُضْوِ كَامِلَةً بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ لَكِنْ لو قُطِعَ مع قَصَبَتِهِ فَفِي الْجَمِيعِ الدِّيَةُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَلْزَمَ من اسْتَوْعَبَ الْأَنْفَ جَدْعًا دِيَةٌ وَحُكُومَةٌ في الْقَصَبَةِ. قَوْلُهُ: وفي قَطْعِ بَعْضِ الْمَارِنِ وَالْأُذُنِ وَالْحَلَمَةِ وَاللِّسَانِ وَالشَّفَةِ وَالْحَشَفَةِ وَالْأُنْمُلَةِ وَالسِّنِّ وَشَقِّ الْحَشَفَةِ طُولًا بِالْحِسَابِ من دِيَتِهِ يُقَدَّرُ بِالْأَجْزَاءِ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ ولم يذكر في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ هُنَا شَقَّ الْحَشَفَةِ طُولًا وَذَكَرَ في التَّرْغِيبِ في شَحْمَةِ الْأُذُنِ رِوَايَةً أَنَّ فيها ثُلُثَ الدِّيَةِ وَذَكَرَ في الْوَاضِحِ فِيمَا بَقِيَ من الْأُذُنِ بِلَا نَفْعٍ الدِّيَةُ وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ. قَوْلُهُ: وفي شَلَلِ الْعُضْوِ أو ذَهَابِ نَفْعِهِ وَالْجِنَايَةِ على الشَّفَتَيْنِ بِحَيْثُ لَا يَنْطَبِقَانِ على الْأَسْنَانِ قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ أو اسْتَرْخَتَا دِيَةٌ وَهَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ وقال في التَّبْصِرَةِ وَالتَّرْغِيبِ في التَّقَلُّصِ حُكُومَةٌ. قَوْلُهُ: وفي تَسْوِيدِ السِّنِّ وَالظُّفْرِ بِحَيْثُ لَا يَزُولُ دِيَتُهُ إذَا اسْوَدَّ الظُّفْرُ بِحَيْثُ لَا يَزُولُ وَجَبَتْ دِيَتُهُ بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ وَإِنْ اسْوَدَّ السِّنُّ بِحَيْثُ لَا يَزُولُ سَوَادُهُ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أَنَّ فيه دِيَتَهُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْهَادِي وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ في تَسْوِيدِ السِّنِّ ثُلُثُ دِيَتِهَا كَتَسْوِيدِ أَنْفِهِ مع بَقَاءِ نَفْعِهِ وقال أبو بَكْرٍ في تَسْوِيدِ السِّنِّ حُكُومَةٌ وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ كما لو احْمَرَّتْ أو اصْفَرَّتْ أو كَلَّتْ وَعَنْهُ إنْ ذَهَبَ نَفْعُهَا وَجَبَتْ دِيَتُهَا قُلْت وهو الصَّوَابُ.
فائدة: لو اخْضَرَّتْ سنة بِجِنَايَةٍ عليها فَفِيهَا حُكُومَةٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال في الْفُرُوعِ وَالْأَشْهَرُ في الْمَذْهَبِ فيها حُكُومَةٌ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ قال في الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِ فَإِنْ تَغَيَّرَتْ أو تَحَرَّكَتْ وَجَبَتْ حُكُومَةٌ انْتَهَوْا وَعَنْهُ حُكْمُهَا حُكْمُ تَسْوِيدِهَا جَزَمَ بِهِ وَلَدُ الشِّيرَازِيِّ في مُنْتَخَبِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ. قَوْلُهُ: وفي الْعُضْوِ الْأَشَلِّ من الْيَدِ وَالرِّجْلِ وَالذَّكَرِ وَالثَّدْيِ وَلِسَانِ الْأَخْرَسِ وَالْعَيْنِ الْقَائِمَةِ وَشَحْمَةِ الْأُذُنِ وَذَكَرِ الْخَصِيِّ وَالْعِنِّينِ وَالسِّنِّ السَّوْدَاءِ وَالثَّدْيِ دُونَ حَلَمَتِهِ وَالذَّكَرِ دُونَ حَشَفَتِهِ وَقَصَبَةِ الْأَنْفِ وَالْيَدِ وَالْإِصْبَعِ الزَّائِدَتَيْنِ حُكُومَةٌ وَهَذَا الْمَذْهَبُ في ذلك كُلِّهِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ الْحُكُومَةَ في الْيَدِ وَالْأُصْبُعِ الزَّائِدَتَيْنِ وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ في قَطْعِ الذَّكَرِ دُونَ حَشَفَتِهِ وَالثَّدْيِ دُونَ حَلَمَتِهِ وَعَنْهُ يَجِبُ في ذلك كُلِّهِ ثُلُثُ دِيَةِ كل عُضْوٍ من ذلك وَاخْتَارَهُ ابن منجا في شَرْحِهِ في شَلَلِ الْيَدِ فَقَطْ وقال الْقَاضِي الرِّوَايَتَانِ في السِّنِّ السَّوْدَاءِ التي ذَهَبَ نَفْعُهَا أَمَّا إنْ لم يَذْهَبْ نَفْعُهَا بِالْكُلِّيَّةِ فَفِيهَا دِيَتُهَا كَامِلَةً وَخَالَفَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَوُجُوبُ ثُلُثِ الدِّيَةِ في الْيَدِ الشَّلَّاءِ وَالذَّكَرِ الْأَشَلِّ وَالْعَيْنِ الْقَائِمَةِ وَالسِّنِّ السودا [السود] وَذَكَرِ الْخَصِيِّ وَالْعِنِّينِ وَلِسَانِ الْأَخْرَسِ من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُهَا وَكَذَا وُجُوبُ ثُلُثِ الدِّيَةِ في الْيَدِ وَالْأُصْبُعِ الزَّائِدَتَيْنِ من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ في ذَكَرِ الْخَصِيِّ وَالْعِنِّينِ كَمَالُ دِيَتِهِمَا وَعَنْهُ في ذَكَرِ الْعِنِّينِ كَمَالُ دِيَتِهِ وَمَالَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ قُلْت وهو الصَّوَابُ وَجَزَمَ بِهِ في الِانْتِصَارِ في لِسَانِ الْأَخْرَسِ وَقَدَّمَ في الرَّوْضَةِ في ذَكَرِ الْخَصِيِّ إنْ لم يُجَامِعْ بمثله ثُلُثُ الدِّيَةِ وَإِلَّا دِيَةٌ وقال في الْعَيْنِ الْقَائِمَةِ نِصْفُ الدِّيَةِ.
فائدة: لو قَطَعَ نِصْفَ الذَّكَرِ بِالطُّولِ فقال الْمُصَنِّفُ قال أصحابنَا فيه نِصْفُ الدِّيَةِ قال هو وَالشَّارِحُ وَالْأَوْلَى وُجُوبُ الدِّيَةِ كَامِلَةً لِأَنَّهُ ذَهَبَ بِمَنْفَعَةِ الْجِمَاعِ فَوَجَبَتْ الدِّيَةُ كَامِلَةً كما لو أَشَلَّهُ أو كَسَرَ صُلْبَهُ فَذَهَبَ جِمَاعُهُ قُلْت وهو الصَّوَابُ. قَوْلُهُ: فَلَوْ قَطَعَ الْأُنْثَيَيْنِ وَالذَّكَرَ مَعًا أو الذَّكَرَ ثُمَّ الْأُنْثَيَيْنِ لَزِمَهُ دِيَتَانِ وَلَوْ قَطَعَ الْأُنْثَيَيْنِ ثُمَّ قَطَعَ الذَّكَرَ وَجَبَتْ دِيَةُ الْأُنْثَيَيْنِ وفي الذَّكَرِ رِوَايَتَانِ وَهُمَا الرِّوَايَتَانِ الْمُتَقَدِّمَتَانِ في ذَكَرِ الْخَصِيِّ لِأَنَّهُ بِقَطْعِ أُنْثَيَيْهِ صَارَ خَصِيًّا وقد ذَكَرْنَا الْمَذْهَبَ وَالْخِلَافَ فيه وَتَقَدَّمَ أَنَّ فيه أَرْبَعَةَ أَقْوَالٍ في الْمَسْأَلَةِ التي قَبْلَهَا. قَوْلُهُ: وَإِنْ أَشَلَّ الْأَنْفَ أو الْأُذُنَ أو عَوَجَهُمَا فَفِيهِ حُكُومَةٌ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ في شَلَلِهَا الدِّيَةُ كَشَلَلِ الْيَدِ وَالْمَثَانَةِ وَنَحْوِهِمَا وقال ابن الْجَوْزِيِّ في الْمُذْهِبِ وَإِنْ أَشَلَّ الْمَارِنَ وَعَوَجَهُ فَدِيَةٌ وَحُكُومَةٌ وَيَحْتَمِلُ دِيَةً. قَوْلُهُ: وفي قَطْعِ الْأَشَلِّ مِنْهُمَا كَمَالُ دِيَتِهِ يَعْنِي دِيَةً كَامِلَةً صَرَّحَ بِهِ الْأصحاب وَهَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وقال في الْمُحَرَّرِ وفي كُلٍّ منها كَمَالُ دِيَتِهِ إذَا قُلْنَا يُؤْخَذُ بِهِ السَّالِمُ من ذلك في الْعَمْدِ وَإِلَّا فَفِيهِ حُكُومَةٌ وَقَالَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالزَّرْكَشِيِّ وقال في التَّرْغِيبِ في أُذُنٍ مُسْتَخْسَفَةٍ وَهِيَ الشَّلَّاءُ رِوَايَتَانِ ثُلُثُ دِيَتِهِ أو حُكُومَةٌ وَكَذَا في التَّرْغِيبِ أَيْضًا في أَنْفٍ أَشَلَّ إنْ لم تَجِبْ الدِّيَةُ. قَوْلُهُ: وَتَجِبُ الدِّيَةُ في الْأَنْفِ الْأَخْشَمِ وَالْمَخْزُومِ وَأُذُنَيْ الْأَصَمِّ هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَشَرْحِ ابن منجا وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وقال لَا نَعْلَمُ فيه مُخَالِفًا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وقال في الْمُحَرَّرِ في كُلٍّ من ذلك كَمَالُ دِيَتِهِ إذَا قُلْنَا يُؤْخَذُ بِهِ السَّالِمُ من ذلك في الْعَمْدِ وَإِلَّا فَفِيهِ حُكُومَةٌ كما تَقَدَّمَ وَقَالَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالزَّرْكَشِيِّ. قَوْلُهُ: وَإِنْ قَطَعَ أَنْفَهُ فَذَهَبَ شَمُّهُ أو أُذُنَيْهِ فَذَهَبَ سَمْعُهُ وَجَبَتْ دِيَتَانِ وَسَائِرُ الْأَعْضَاءِ إذَا أَذْهَبَهَا بِنَفْعِهَا لم تَجِبْ إلَّا دِيَةٌ وَاحِدَةٌ قَطَعَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ من الْأصحاب وَلَا أَعْلَمُ فيه خِلَافًا وَفَرَّقُوا بَيْنَهَا بِفُرُوقٍ جَيِّدَةٍ منها أَنَّ تَفْوِيتَ نَفْعِ سَائِرِ الْأَعْضَاءِ وَقَعَ ضِمْنًا لِلْعُضْوِ وَالْفَائِتُ ضِمْنًا لَا شَيْءَ فيه دَلِيلُهُ الْقَتْلُ فإنه يُوجِبُ دِيَةً وَاحِدَةً وَإِنْ أَتْلَفَ أَشْيَاءَ تَجِبُ بِكُلِّ وَاحِدٍ منها الدِّيَةُ بِخِلَافِ مَنْفَعَةِ الْأَنْفِ وَالْأُذُنِ إذَا ذَهَبَا بِقَطْعِ الْأَنْفِ وَالْأُذُنِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ من الْمَنْفَعَتَيْنِ في غَيْرِ الْأَنْفِ وَالْأُذُنِ فَذَهَابُ أَحَدِهِمَا مع الْآخَرِ ذَهَابٌ لِمَا ليس أَحَدُهُمَا تَبَعًا لِلْآخَرِ.
فائدة: من له يَدَانِ على كُوعَيْهِ أو يَدَانِ وَذِرَاعَانِ على مَرْفِقَيْهِ وَتَسَاوَيَا في الْبَطْشِ فَهُمَا يَدٌ وَاحِدَةٌ وَلِلزِّيَادَةِ حُكُومَةٌ على الصَّحِيحِ وفي أَحَدِهِمَا نِصْفُ دِيَتِهِمَا وَحُكُومَةٌ وفي قَطْعِ إصْبَعٍ من أَحَدِهِمَا خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ فَإِنْ قَطَعَ يَدًا لم يُقْطَعَا لِلزِّيَادَةِ وَلَا أَحَدُهُمَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ لِعَدَمِ مَعْرِفَةِ الْأَصْلِيَّةِ قَطَعَ بِهِ في الْفُرُوعِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْكَافِي وقال ابن حَامِدٍ يَجِبُ الْقِصَاصُ فِيهِمَا لِأَنَّ هذا نَقْصٌ لَا يَمْنَعُ الْقِصَاصَ كَالسِّلْعَةِ في الْيَدِ انتهى. وَإِنْ كانت إحْدَاهُمَا: بَاطِشَةً دُونَ الْأُخْرَى أو إحْدَاهُمَا: أَكْثَرَ بَطْشًا أو في سَمْتِ الذِّرَاعِ وَالْأُخْرَى زَائِدَةً فَفِي الْأَصْلِيَّةِ دِيَتُهَا وَالْقِصَاصُ لِقَطْعِهَا عَمْدًا وفي الزَّائِدَةِ حُكُومَةٌ سَوَاءٌ قَطَعَهَا مُنْفَرِدَةً أو مع الْأَصْلِيَّةِ وَعَلَى قَوْل ابن حَامِدٍ لَا شَيْءَ فيها لِأَنَّهَا عَيْبٌ فَهِيَ كَالسِّلْعَةِ في الْيَدِ وَإِنْ اسْتَوَيَا من كل الْوُجُوهِ وَكَانَا غير بَاطِشَتَيْنِ فَفِيهِمَا ثُلُثُ دِيَةِ الْيَدِ أو حُكُومَةٌ وَلَا تَجِبُ دِيَةُ الْيَدِ كَامِلَةً لِأَنَّهَا لَا نَفْعَ فيها فَهُمَا كَالْيَدِ الشَّلَّاءِ وَالْحُكْمُ في الْقَدَمَيْنِ على سَاقٍ كَالْحُكْمِ في الْكَفَّيْنِ على ذِرَاعٍ وَاحِدٍ وَإِنْ كانت إحْدَاهُمَا: أَطْوَلَ من الْأُخْرَى فَقَطَعَ الطُّولَى وَأَمْكَنَهُ الْمَشْيُ على الْقَصِيرَةِ فَهِيَ الْأَصْلِيَّةُ وَإِلَّا فَهِيَ زَائِدَةٌ قال ذلك في الْكَافِي. قَوْلُهُ: فَصْلٌ في دِيَةِ الْمَنَافِعِ في كل حَاسَّةٍ دِيَةٌ كَامِلَةٌ وَهِيَ السَّمْعُ وَالْبَصَرُ وَالشَّمُّ وَالذَّوْقُ في كل وَاحِدٍ من السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالشَّمِّ دِيَةٌ كَامِلَةٌ بِلَا نِزَاعٍ وفي ذَهَابِ الذَّوْقِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ فيه حُكُومَةٌ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي قال الشَّارِحُ الْقِيَاسُ لَا دِيَةَ فيه. قَوْلُهُ: وَتَجِبُ في الْحَدَبِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ هذا الْمَذْهَبُ قال في الْفُصُولِ أَطْلَقَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ في الْحَدَبِ الدِّيَةُ ولم يُفَصِّلْ وَهَذَا مَحْمُولٌ على أَنَّهُ يَمْنَعُهُ من الْمَشْيِ وَأَجْرَاهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ على ظَاهِرِهِ فَقَالَا وَيَجِبُ في الْحَدَبِ الدِّيَةُ وَكَذَا الْمُصَنِّفُ هُنَا وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِوُجُوبِ الدِّيَةِ فيه في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وقال الْقَاضِي وَغَيْرُهُ لَا تَجِبُ فيه الدِّيَةُ قال ابن الْجَوْزِيِّ وَهَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَظَاهِرُ الْفُرُوعِ الْإِطْلَاقُ. قَوْلُهُ: وَيَجِبُ في الصَّعَرِ وهو أَنْ يَضْرِبَهُ فَيَصِيرَ الْوَجْهُ في جَانِبٍ دِيَةٌ كَامِلَةٌ هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَقَطَعُوا بِهِ لَكِنْ قال في الْمُغْنِي وَالتَّرْغِيبِ وَكَذَا إذَا لم يَبْلَعْ رِيقَهُ.
فائدة: قَوْلُهُ: وفي تَسْوِيدِ الْوَجْهِ إذَا لم يَزُلْ دِيَةٌ كَامِلَةٌ وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ وقال في الْمُبْهِجِ وَالتَّرْغِيبِ وَكَذَا لو أَزَالَ لَوْنَ الْوَجْهِ كان فيه الدِّيَةُ. قَوْلُهُ: وإذا لم يَسْتَمْسِكْ الْغَائِطَ وَالْبَوْلَ يَعْنِي إذَا ضَرَبَهُ فَفِي كل وَاحِدٍ من ذلك دِيَةٌ كَامِلَةٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَكَذَا قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ ذَكَرُوهُ في أَوَّلِ كِتَابُ الدِّيَاتِ وَعَنْهُ يَجِبُ ثُلُثُ الدِّيَةِ اخْتَارَه ابن أبي مُوسَى في الْإِرْشَادِ وَخَصَّ الرِّوَايَةَ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ بِمَا إذَا لم يَسْتَمْسِكْ الْبَوْلَ وَتَقَدَّمَ إذَا أَفْزَعَهُ فَأَحْدَثَ بِغَائِطٍ أو بَوْلٍ أو رِيحٍ في كِتَابُ الدِّيَاتِ قبل الْفَصْلِ.
فائدة: تَجِبُ الدِّيَةُ في إذْهَابِ مَنْفَعَةِ الصَّوْتِ وَكَذَا في إذْهَابِ مَنْفَعَةِ الْبَطْشِ وقال في الْفُنُونِ لو سَقَاهُ ذَرْقَ الْحَمَامِ فَذَهَبَ صَوْتُهُ لَزِمَهُ حُكُومَةٌ في إذْهَابِ الصَّوْتِ. قَوْلُهُ: وفي الْكَلَامِ بِالْحِسَابِ يُقْسَمُ على ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ حَرْفًا هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقْسَمَ على الْحُرُوفِ التي لِلِّسَانِ فيها عَمَلٌ دُونَ الشَّفَوِيَّةِ كَالْبَاءِ وَالْفَاءِ وَالْمِيمِ وَكَذَا الْوَاوُ قَالَهُ الْأصحاب وقال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ سِوَى الشَّفَوِيَّةِ وَالْحَلْقِيَّةِ وَسَوَاءٌ ذَهَبَ حَرْفٌ بِمَعْنَى كَلِمَةٍ كَجَعْلِهِ أَحْمَدَ أَأْمَدَ أو لَا قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ وَجْهٌ.
فائدة: لو كان أَلْثَغَ من غَيْرِ جِنَايَةٍ فَأَذْهَبَ إنْسَانٌ كَلَامَهُ كُلَّهُ فَإِنْ كان ميؤسا [ميئوسا] من ذَهَابِ لُثْغَتِهِ فَفِيهِ بِقِسْطِ ما ذَهَبَ من الْحُرُوفِ وَإِنْ كان غير ميؤس [ميئوس] من زَوَالِهَا كَالصَّبِيِّ فَفِيهِ الدِّيَةُ كَامِلَةٌ قال في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ كَذَلِكَ الْكَبِيرُ إذَا أَمْكَنَ إزَالَةُ لُثْغَتِهِ بِالتَّعْلِيمِ. قَوْلُهُ: وفي نَقْصِ شَيْءٍ من ذلك إن عُلِمَ بِقَدْرِهِ مِثْلُ نَقْصِ الْعَقْلِ بِأَنْ يُجَنَّ يَوْمًا وَيُفِيقَ يَوْمًا أو ذَهَابُ بَصَرِ أَحَدِ الْعَيْنَيْنِ أو سَمْعِ أَحَدِ الْأُذُنَيْنِ بِلَا نِزَاعٍ في ذلك وَقَوْلُهُ وَإِنْ لم يُعْلَمْ قدرة مِثْلُ أَنْ صَارَ مَدْهُوشًا أو نَقَصَ سَمْعُهُ أو بَصَرُهُ أو شَمُّهُ أو حَصَلَ في كَلَامِهِ تَمْتَمَةٌ أو عَجَلَةٌ أو نَقَصَ مَشْيُهُ أو انْحَنَى قَلِيلًا أو تَقَلَّصَتْ شَفَتُهُ بَعْضَ التَّقَلُّصِ أو تَحَرَّكَتْ سِنُّهُ بَعْضَ التَّحَرُّكِ أو ذَهَبَ اللَّبَنُ من ثَدْيِ الْمَرْأَةِ وَنَحْوُ ذلك فَفِيهِ حُكُومَةٌ هذا الْمَذْهَبُ في ذلك كُلِّهِ وَقَطَعَ بِأَكْثَرِهِ أَكْثَرُ الْأصحاب وَجَزَمَ بِالْجَمِيعِ في الشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ ولم يذكر في الْفُرُوعِ وَالتَّقَلُّصَ وَقِيلَ إنْ ذَهَبَ اللَّبَنُ فَفِيهِ الدِّيَةُ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ في الْبَصَرِ يَزِنُهُ بِالْمَسَافَةِ فَلَوْ نَظَرَ الشَّخْصُ على مِائَتَيْ ذِرَاعٍ فَنَظَرَهُ على مِائَةٍ فَنِصْفُ الدِّيَةِ وَذَكَرَ في الْوَسِيلَةِ لو لَطَمَهُ فَذَهَبَ بَعْضُ بَصَرِهِ وَجَبَتْ الدِّيَةُ في ظَاهِرِ كَلَامِهِ
فائدتان: إحْدَاهُمَا: مِثْلُ ذلك في الْحُكْمِ لو جَعَلَهُ لَا يَلْتَفِتُ إلَّا بِشِدَّةٍ أو لَا يَبْلَعُ رِيقَهُ إلَّا بِشِدَّةٍ أو اسْوَدَّ بَيَاضُ عَيْنَيْهِ أو احْمَرَّ. الثَّانِيَةُ: لو صَارَ أَلْثَغَ بِذَلِكَ فَقِيلَ تَجِبُ دِيَةُ الْحَرْفِ الذي امْتَنَعَ من خُرُوجِهِ قُلْت وهو الصَّوَابُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ فيه حُكُومَةٌ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ. قَوْلُهُ: فَإِنْ قَطَعَ بَعْضَ اللِّسَانِ فَذَهَبَ بَعْضُ الْكَلَامِ اُعْتُبِرَ أَكْثَرُهُمَا فَلَوْ ذَهَبَ رُبُعُ اللِّسَانِ وَنِصْفُ الْكَلَامِ أو رُبُعُ الْكَلَامِ وَنِصْفُ اللِّسَانِ وَجَبَ نِصْفُ الدِّيَةِ بِلَا نِزَاعٍ فَإِنْ قَطَعَ رُبُعَ اللِّسَانِ فَذَهَبَ نِصْفُ الْكَلَامِ ثُمَّ قَطَعَ آخَرُ بَقِيَتْهُ فَعَلَى الْأَوَّلِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَعَلَى الثَّانِي نِصْفُهَا فَقَطْ وَهَذَا أَحَدُ الْوُجُوهِ اخْتَارَهُ الْقَاضِي قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَجِبُ عليه نِصْفُ الدِّيَةِ وَحُكُومَةٌ لِرُبُعِ اللِّسَانِ وهو احْتِمَالٌ لِلْمُصَنِّفِ هُنَا وهو الْمَذْهَبُ وَقَطَعَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ قال في الْفُرُوعِ وَهَذَا الْأَشْهَرُ وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ يَجِبُ عليه ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الدِّيَةِ وَأَطْلَقَهُنَّ في الشَّرْحِ.
فائدة: عَكْسُ الْمَسْأَلَةِ لو قَطَعَ نِصْفَ اللِّسَانِ فَذَهَبَ رُبُعُ الْكَلَامِ ثُمَّ قَطَعَ آخَرُ بَقِيَّتَهُ كان على الْأَوَّلِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَيَجِبُ على الثَّانِي ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ نِصْفُهَا لَا غَيْرُ. قَوْلُهُ: وَإِنْ قَطَعَ لِسَانَهُ فَذَهَبَ نُطْقُهُ وَذَوْقُهُ لم يَجِبْ إلَّا دِيَةٌ وَإِنْ ذَهَبَا مع بَقَاءِ اللِّسَانِ فَفِيهِ دِيَتَانِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وقال في الْوَاضِحِ إنْ قَطَعَ لِسَانَهُ فَدِيَةٌ أَزَالَ نُطْقَهُ أو لم يُزِلْهُ فَإِنْ عَدِمَ الْكَلَامَ بِقَطْعِهِ وَجَبَ لِعَدَمِهِ أَيْضًا دِيَةٌ كَامِلَةٌ قال في الْفُرُوعِ وَكَذَا وَجَدْته في مُخْتَصَرِ ابن رزين لو ذَهَبَ شَمُّهُ وَسَمْعُهُ وَمَشْيُهُ وَكَلَامُهُ تَبَعًا فَدِيَتَانِ.
فائدة: لَا يَدْخُلُ أَرْشُ جِنَايَةٍ أَذْهَبَتْ عَقْلَهُ في دِيَتِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَقِيلَ يَدْخُلُ. قَوْلُهُ: وَإِنْ كَسَرَ صُلْبَهُ فَذَهَبَ مَشْيُهُ وَنِكَاحُهُ فَفِيهِ دِيَتَانِ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَجِبَ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ كَبَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ .
فائدة: لو قَطَعَ أَنْفَهُ أو أُذُنَهُ فَذَهَبَ شَمُّهُ أو سَمْعُهُ فَعَلَيْهِ دِيَتَانِ قَوْلًا وَاحِدًا.
تنبيه: قَوْلُهُ وَلَا تَجِبُ دِيَةُ الْجُرْحِ حتى يَنْدَمِلَ فَيَسْتَقِرَّ بِالِانْدِمَالِ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأصحاب لَكِنْ قال في الرَّوْضَةِ لو قَطَعَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَدًا فَلَهُ أَخْذُ دِيَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا في الْحَالِ قبل الِانْدِمَالِ وَبَعْدَهُ لَا الْقَوَدُ قَبْلَهُ وَلَوْ زَادَ أَرْشُ جُرُوحٍ على الدِّيَةِ فَعَفَا عن الْقَوَدِ إلَى الدِّيَةِ وَأَحَبَّ أَخْذَ الْمَالِ قبل الِانْدِمَالِ فَقِيلَ يَأْخُذُ دِيَةً فَقَطْ لِاحْتِمَالِ السِّرَايَةِ وَقِيلَ لَا لِاحْتِمَالِ جُرُوحٍ تَطْرَأُ قَالَهُ في الْفُرُوعِ قُلْت الصَّوَابُ الْأَوَّلُ.
تنبيه: قَوْلُهُ وَلَا دِيَةَ سِنٍّ وَلَا ظُفْرٍ وَلَا مَنْفَعَةٍ حتى يَيْأَسَ من عَوْدِهَا وهو صَحِيحٌ لَكِنْ لو مَاتَ في الْمُدَّةِ فَلِوَلِيِّهِ دِيَةُ سِنٍّ وَظُفْرٍ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ هَدَرٌ كما لو نَبَتَ شَيْءٌ فيه قَالَهُ في مُنْتَخَبِ وَلَدِ الشِّيرَازِيِّ وَلَهُ في غَيْرِهِمَا الدِّيَةُ وفي الْقَوَدِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَخَصَّ الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ بِسِنِّ الصَّغِيرِ وَتَقَدَّمَ ذلك في آخِرِ بَابُ ما يُوجِبُ الْقِصَاصَ. قَوْلُهُ: وَلَوْ قَلَعَ سِنَّ كَبِيرٍ أو ظُفْرَهُ ثُمَّ نَبَتَتْ سَقَطَتْ دِيَتُهُ وَإِنْ كان قد أَخَذَهَا رَدَّهَا هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب منهم أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ وَنَصَّ عليه في السِّنِّ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَشَرْحِ ابن منجا وَقَدَّمَهُ في الشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وقال الْقَاضِي تَجِبُ دِيَتُهَا وقال ابن الْجَوْزِيِّ في الْمُذْهَبِ فِيمَنْ قَلَعَ سِنَّ كَبِيرٍ ثُمَّ نَبَتَتْ لم يَرُدَّ ما أَخَذَ وقال ذَكَرَهُ أبو بَكْرٍ وَتَقَدَّمَ ذلك في بَابُ ما يُوجِبُ الْقِصَاصَ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ في أَثْنَاءِ الْفَصْلِ الرَّابِعِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ تَجِبُ عليه حُكُومَةٌ لِنَقْصِهَا إنْ نَقَصَتْ وَضَعْفِهَا إنْ ضَعُفَتْ وَإِنْ قَلَعَهَا قَالِعٌ بَعْدَ ذلك وَجَبَتْ دِيَتُهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَى قَوْلِ الْقَاضِي يَنْبَنِي حُكْمُهَا على وُجُوبِ قَلْعِهَا فَإِنْ قُلْنَا يَجِبُ فَلَا شَيْءَ على قَالِعِهَا وَإِنْ قُلْنَا لَا يَجِبُ قَلْعُهَا احْتَمَلَ أَنْ يُؤْخَذَ بِدِيَتِهَا وَاحْتَمَلَ أَنْ لَا يُؤْخَذَ وَلَكِنْ فيها حُكُومَةٌ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وقال في الْفُرُوعِ وَإِنْ أَبَانَ سِنًّا وُضِعَ مَحَلَّهُ وَالْتَحَمَ فَفِي الْحُكُومَةِ وَجْهَانِ انتهى. وَإِنْ جَعَلَ مَكَانَ السِّنِّ سِنًّا أُخْرَى أو سِنَّ حَيَوَانٍ أو عَظْمًا فَنَبَتَتْ وَجَبَتْ دِيَةُ الْمَقْلُوعَةِ وَجْهًا وَاحِدًا فَإِنْ قُلِعَتْ هذه. الثَّانِيَةُ: لم تَجِبْ دِيَتُهَا وَفِيهَا حُكُومَةٌ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَجِبَ فيها شَيْءٌ. قَوْلُهُ: أو رَدَّهُ يَعْنِي الظُّفْرَ فَالْتَحَمَ سَقَطَتْ دِيَتُهُ هذا الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَشَرْحِ ابن منجا وقال الْقَاضِي تَجِبُ دِيَتُهَا ذَكَرَهُ عنه الشَّارِحُ.
فائدة: قَوْلُهُ: لو قَطَعَ طَرَفَهُ فَرَدَّهُ فَالْتَحَمَ فَحَقُّهُ بَاقٍ بِحَالِهِ وَيُبَيِّنُهُ إنْ قِيلَ بِنَجَاسَتِهِ وَإِلَّا فَلَهُ أَرْشُ نَقْصِهِ خَاصَّةً وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَاخْتَارَ الْقَاضِي بَقَاءَ حَقِّهِ ثُمَّ إنْ أَبَانَهُ أَجْنَبِيٌّ وَقِيلَ بِطَهَارَتِهِ فَفِي دِيَتِهِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَلَوْ رَدَّ الْمُلْتَحِمَ الْجَانِي أُقِيدَ بِهِ ثَانِيَةً على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقِيلَ لَا يُقَادُ بِهِ.
فائدة: لو الْتَحَمَتْ الْجَائِفَةُ أو الْمُوضِحَةُ وما فَوْقَهَا على غَيْرِ شَيْنٍ لم يَسْقُطْ مُوجِبُهَا رِوَايَةً وَاحِدَةً قَالَهُ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: وَإِنْ عَادَ نَاقِصًا أو عَادَتْ السِّنُّ أو الظُّفْرُ قَصِيرًا أو مُتَغَيِّرًا فَلَهُ أَرْشُ نَقْصِهِ هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْفُرُوعِ ذَكَرَهُ في بَابِ الْقَوَدِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَعَنْهُ في قَلْعِ الظُّفْرِ إذَا نَبَتَتْ على صِفَتِهِ خَمْسُ دَنَانِيرَ وَإِنْ نَبَتَ أَسْوَدَ فَفِيهِ عَشَرَةٌ وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَقَالَا التَّقْدِيرَاتُ بَابُهَا التَّوْقِيفُ وَلَا نَعْلَمُ فيه تَوْقِيفًا وَالْقِيَاسُ لَا شَيْءَ عليه إذَا عَادَ على صِفَتِهِ وَإِنْ نَبَتَ صَغِيرًا فَفِيهِ حُكُومَةٌ. قَوْلُهُ: وَإِنْ قَلَعَ سِنَّ صَغِيرٍ وَيَئِسَ من عَوْدِهَا وَجَبَتْ دِيَتُهَا هذا الْمَذْهَبُ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ قال ابن مُنَجَّا هذا الْمَذْهَبُ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالنَّظْمِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمْ وقال الْقَاضِي فيها حُكُومَةٌ وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ. قَوْلُهُ: وَإِنْ مَاتَ الْمَجْنِيُّ عليه وَادَّعَى الْجَانِي عَوْدَ ما أَذْهَبَهُ فَأَنْكَرَهُ الْوَلِيُّ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَلِيِّ هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وقال في الْمُنْتَخَبِ إنْ ادَّعَى انْدِمَالَهُ وَمَوْتَهُ بِغَيْرِ جُرْحِهِ وَأَمْكَنَ قُبِلَ. قَوْلُهُ: قَوْلُهُ: وفي كل وَاحِدٍ من الشُّعُورِ الْأَرْبَعَةِ الدِّيَةُ وهو شَعْرُ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ وَالْحَاجِبَيْنِ وَأَهْدَابِ الْعَيْنَيْنِ هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَعَنْهُ في كل شَعْرٍ من ذلك حُكُومَةٌ كَالشَّارِبِ نَصَّ عليه
فائدتان: إحْدَاهُمَا: لَا قِصَاصَ في ذلك لِعَدَمِ إمْكَانِ الْمُسَاوَاةِ. الثَّانِيَةُ: نَقَلَ حَنْبَلٌ كُلُّ شَيْءٍ من الْإِنْسَانِ فيه أَرْبَعَةٌ فَفِي كل وَاحِدٍ رُبُعُ الدِّيَةِ وَطَرَدَهُ الْقَاضِي في جلده وَجْهٍ. قَوْلُهُ: وفي بَعْضِ ذلك بِقِسْطِهِ من الدِّيَةِ وهو الْمَذْهَبُ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ في بَحْثِهِمَا وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَذَكَرَ أبو الْخَطَّابِ احْتِمَالًا يَجِبُ فيه حُكُومَةٌ. قَوْلُهُ: فَإِنْ بَقِيَ من لِحْيَتِهِ ما لَا جَمَالَ فيه احْتَمَلَ أَنْ يَلْزَمَهُ بِقِسْطِهِ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَنَصَرَهُ النَّاظِمُ وهو ظَاهِرُ ما قَدَّمَهُ في الْمَذْهَبِ وَاحْتَمَلَ أَنْ يَلْزَمَهُ كَمَالُ الدِّيَةِ وهو الْمَذْهَبُ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ في بَحْثِهِمَا وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا وَقِيلَ فيه حُكُومَةٌ وهو قَوِيٌّ وَأَطْلَقَهُنَّ في الْمُحَرَّرِ.
تنبيه: ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَإِنْ قَطَعَ كَفًّا بِأَصَابِعِهِ لم تَجِبْ إلَّا دِيَةُ الْأَصَابِعِ أَنَّ الدِّيَةَ لِلْأَصَابِعِ لَا غَيْرُ وَذَلِكَ يَقْتَضِي سُقُوطَ ما يَجِبُ في مُقَابَلَةِ الْكَفِّ وَلَيْسَ ذلك بِمُرَادٍ وَلَكِنْ لَمَّا كانت دِيَةُ الْأَصَابِعِ كَدِيَةِ الْيَدِ أَطْلَقَ هذا اللَّفْظَ نَظَرًا إلَى الْمَعْنَى وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ لم يَجِبْ إلَّا دِيَةُ الْيَدِ. قَوْلُهُ: وَإِنْ قَطَعَ كَفًّا عليه بَعْضُ الْأَصَابِعِ دخل ما حَاذَى الْأَصَابِعَ في دِيَتِهَا وَعَلَيْهِ أَرْشُ بَاقِي الْكَفِّ وَهَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا وَالْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ دِيَةُ يَدٍ سِوَى الْأَصَابِعِ.
فائدة: يَجِبُ في كَفٍّ بِلَا أَصَابِعَ وَذِرَاعٍ بِلَا كَفٍّ ثُلُثُ دِيَتِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وقد شَبَّهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ ذلك بِعَيْنٍ قَائِمَةٍ وَعَنْهُ يَجِبُ فيه حُكُومَةٌ ذَكَرَهُمَا في الْمُنْتَخَبِ وَالتَّبْصِرَةِ وَمَذْهَبُ ابن الجوزي وَغَيْرِهِمْ وَكَذَا الْعَضُدُ وَحُكْمُ الرِّجْلِ حُكْمُ الْيَدِ في ذلك. قَوْلُهُ: وفي عَيْنِ الْأَعْوَرِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ نَصَّ عليه وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأصحاب قال الزَّرْكَشِيُّ وَعُمُومُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ يَقْتَضِي أَنَّ فيها نِصْفَ الدِّيَةِ وهو مُقْتَضَى حديث عَمْرِو بن حَزْمٍ. قَوْلُهُ: وَإِنْ قَلَعَ الْأَعْوَرُ عَيْنَ صَحِيحٍ مُمَاثِلَةً لِعَيْنِهِ الصَّحِيحَةِ فَعَلَيْهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ وَلَا قِصَاصَ هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ وَقِيلَ يَقْلَعُ عَيْنَهُ كَقَتْلِ رَجُلٍ بِامْرَأَةٍ وهو احْتِمَالٌ لِلْمُصَنِّفِ هُنَا وَيَأْخُذُ نِصْفَ الدِّيَةِ قال في الْفُرُوعِ وَأَخْذُ نِصْفِ الدِّيَةِ مع الْقَلْعِ أَشْهَرُ يَعْنِي على هذا الْقَوْلِ وَخَرَّجَهُ في التَّعْلِيقِ وَالِانْتِصَارِ من قَتْلِ رَجُلٍ بِامْرَأَةٍ وقد جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا على هذا الِاحْتِمَالِ وَجَزَمَ بِهِ غَيْرُهُ أَيْضًا وَقِيلَ لَا يَأْخُذُ منه شيئا قُلْت وهو الصَّوَابُ. قَوْلُهُ: وَإِنْ قَلَعَ عَيْنَيْ صَحِيحٍ عَمْدًا خُيِّرَ بين قَلْعِ عَيْنِهِ وَلَا شَيْءَ له غَيْرُهَا وَبَيْنَ الدِّيَةِ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَكَوْنُهُ يَسْتَحِقُّ قَلْعَ عَيْنِهِ فَقَطْ من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وقال الْقَاضِي قِيَاسُ الْمَذْهَبِ دِيَتَانِ وَهَذَا أَيْضًا من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَقِيلَ عَيْنُ الْأَعْوَرِ كَغَيْرِهِ وَكَسَمْعٍ وَأُذُنٍ قال في الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ فيه احْتِمَالٌ وَتَخْرِيجٌ من جَعْلِهِ كَالْبَصَرِ في مَسْأَلَةِ النَّظَرِ في بَيْتِهِ من خَصَاصِ الْبَابِ. قَوْلُهُ: وفي يَدِ الْأَقْطَعِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَكَذَلِكَ في رِجْلِهِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَعَنْهُ فيها دِيَةٌ كَامِلَةٌ وَهِيَ من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ فيها دِيَةٌ كَامِلَةٌ إنْ ذَهَبَتْ الْأُولَى: هَدَرًا وهو من الْمُفْرَدَاتِ أَيْضًا قال في الرَّوْضَةِ إنْ ذَهَبَتْ في حَدٍّ فَنِصْفُ دِيَةٍ وَإِنْ كان في جِهَادٍ فَرِوَايَتَانِ.
فائدة: لو قَطَعَ يَدَ صَحِيحٍ لم تُقْطَعْ يَدُهُ إنْ قُلْنَا فيها الدِّيَةُ كَامِلَةً وَإِلَّا قُطِعَتْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ: الشَّجَّةُ اسْمٌ لِجُرْحِ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ خَاصَّةً قَالَهُ الْأصحاب قال الزَّرْكَشِيُّ وقد يُسْتَعْمَلُ في غَيْرِهِمَا وَهِيَ عَشْرٌ خَمْسٌ لَا مُقَدَّرَ فيها أَوَّلُهَا الْخَارِصَةُ بِإِعْجَامِ الْخَاءِ وَإِهْمَالِهَا مع إهْمَالِ الصَّادِ فيها وَهِيَ التي تَخْرُصُ الْجِلْدَ أَيْ تَشُقُّهُ قَلِيلًا وَلَا تُدْمِيهِ وَتُسَمَّى الْخُرْصَةَ وَالْقَاشِرَةَ وَالْقِشْرَةَ بِإِعْجَامِ الشِّينِ مع الْقَافِ ثُمَّ الْبَازِلَةُ بِمُوَحَّدَةٍ وَزَايٍ مُعْجَمَةٍ مَكْسُورَةٍ التي يَسِيلُ منها الدَّمُ وَتُسَمَّى الدَّامِيَةَ وَالدَّامِعَةَ بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ وَهِيَ التي تدمي وَلَا تَشُقُّ اللَّحْمَ وَقِيلَ الدَّامِعَةُ ما ظَهَرَ دَمُهَا ولم يَسِلْ ثُمَّ الْبَاضِعَةُ التي تُبْضِعُ اللَّحْمَ وَقِيلَ ما تَشُقُّهُ بَعْدَ الْجِلْدِ ولم يَسِلْ دَمُهَا ثُمَّ الْمُتَلَاحِمَةُ التي أَخَذَتْ في اللَّحْمِ وَقِيلَ ما الْتَحَمَ أَعْلَاهَا وَاتَّسَعَ أَسْفَلُهَا ولم تَبْلُغْ جِلْدَةً تَلِي الْعَظْمَ ثُمَّ السِّمْحَاقُ التي بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَظْمِ قِشْرَةٌ رَقِيقَةٌ هذا الْمَذْهَبُ على هذا التَّرْتِيبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَعِنْدِ الْخِرَقِيِّ الْبَاضِعَةُ بين الْخَارِصَةِ وَالْبَازِلَةِ تَشُقُّ اللَّحْمَ وَلَا تُدْمِيهِ وَتَبِعَه ابن الْبَنَّاءِ قال الزَّرْكَشِيُّ الْبَازِلَةُ التي تَشُقُّ اللَّحْمَ بَعْدَ الْجِلْدِ يَعْنِي وَلَا يَسِيلُ منها دَمٌ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وابن فَارِسٍ وقال الْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي لَعَلَّ ما في نُسَخِ الْخِرَقِيِّ غَلَطٌ من الْكُتَّابِ لِأَنَّ الْبَاضِعَةَ التي تَشُقُّ اللَّحْمَ بَعْدَ الْجِلْدِ يَسِيلُ منها دَمٌ كَثِيرٌ في الْغَالِبِ بِخِلَافِ الْبَازِلَةِ فَإِنَّهَا الدَّامِعَةُ بِالْمُهْمَلَةِ لِقِلَّةِ سَيَلَانِ دَمِهَا فَالْبَاضِعَةُ أَشَدُّ انتهى. وهو قَوْلُ الْأَصْمَعِيِّ وَالْأَزْهَرِيِّ. قَوْلُهُ: فَهَذِهِ الْخَمْسَةُ فيها حُكُومَةٌ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأصحاب قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ وَالْمُخْتَارُ لِلْأصحاب من الرِّوَايَتَيْنِ وَعَنْهُ في الْبَازِلَةِ بَعِيرٌ وفي الْبَاضِعَةِ بَعِيرَانِ وفي الْمُتَلَاحِمَةِ ثَلَاثَةٌ وفي السِّمْحَاقِ أَرْبَعَةٌ اخْتَارَهَا أبو بَكْرٍ وَحَكَى الشِّيرَازِيُّ عن ابن أبي موسى أَنَّهُ اخْتَارَ ذلك في السِّمْحَاقِ وَعَنْ الْقَاضِي أَنَّهُ قال مَتَى أَمْكَنَ اعْتِبَارُ الْجِرَاحَاتِ من الْمُوضِحَةِ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ في رَأْسِ الْمَجْنِيِّ عليه مُوضِحَةٌ إلَى جَانِبِهَا قُدِّرَتْ هذه الْجِرَاحَاتُ منها فَإِنْ كانت بِقَدْرِ النِّصْفِ وَجَبَ نِصْفُ أَرْشِ الْمُوضِحَةِ وَإِنْ كانت بِقَدْرِ الثُّلُثِ وَجَبَ ثُلُثُ الْأَرْشِ وَعَلَى هذا إلَّا أَنْ تَزِيدَ الْحُكُومَةُ على ذلك فَيَجِبُ ما تُخْرِجُهُ الْحُكُومَةُ وَمُلَخَّصُهُ أَنَّهُ يُوجِبُ الْأَكْثَرَ مِمَّا تُخْرِجُهُ الْحُكُومَةُ أو قَدْرُهَا من الْمُوضِحَةِ قال الْمُصَنِّفُ وَهَذَا لَا نَعْلَمُهُ مَذْهَبًا لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَا يَقْتَضِيهِ انتهى. قَوْلُهُ: وَخَمْسٌ فيها مُقَدَّرٌ أَوَّلُهَا الْمُوضِحَةُ التي تُوضِحُ الْعَظْمَ أَيْ تُبْرِزُهُ فَفِيهَا خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ هذا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَعَنْهُ في مُوضِحَةِ الْوَجْهِ عَشَرَةٌ نَقَلَهَا حَنْبَلٌ وَاخْتَارَهَا الزَّرْكَشِيُّ وَأَوَّلَهَا الْمُصَنِّفُ.
فائدة: يَجِبُ أَرْشُ الْمُوضِحَةِ في الصَّغِيرَةِ وَالْكَبِيرَةِ وَالْبَارِزَةِ وَالْمَسْتُورَةِ بِالشَّعْرِ وَحَدُّ الْمُوضِحَةِ ما أَفْضَى إلَى الْعَظْمِ وَلَوْ بِقَدْرِ إبْرَةٍ ذَكَرَه ابن الْقَاسِمِ وَالْقَاضِي وَاقْتَصَرَ عليه الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى الْمُوضِحَةُ ما كَشَفَ عَظْمَ رَأْسٍ أو وَجْهٍ أو غَيْرِهِمَا وَقِيلَ وَلَوْ بِقَدْرِ رَأْسِ إبْرَةٍ انتهى. قَوْلُهُ: فَإِنْ عَمَّتْ الرَّأْسَ وَنَزَلَتْ إلَى الْوَجْهِ فَهَلْ هِيَ مُوضِحَةٌ أو مُوضِحَتَانِ على وَجْهَيْنِ وَهُمَا رِوَايَتَانِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْكَافِي وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا أَحَدُهُمَا هِيَ مُوضِحَتَانِ وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَالنَّظْمِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي هِيَ مُوضِحَةٌ وَاحِدَةٌ جَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ قال في إدْرَاكِ الْغَايَةِ وَلَوْ عَمَّتْهُمَا فَثُلُثَانِ في وَجْهٍ.
تنبيه: ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ إذَا عَمَّتْ الرَّأْسَ وَنَزَلَتْ إلَى الْوَجْهِ قال الشَّارِحُ ولم يذكر الْمُصَنِّفُ ذلك في كِتَابَيْهِ الْمُغْنِي وَالْكَافِي بَلْ أَطْلَقَ الْقَوْلَ فِيمَا إذَا كان بَعْضُهَا في الرَّأْسِ وَبَعْضُهَا في الْوَجْهِ فَإِنْ لم تَعُمَّ الرَّأْسَ فَفِيهَا الْوَجْهَانِ قال وهو الذي يَقْتَضِيهِ الدَّلِيلُ انتهى. قُلْت قَدَّمَ ما قَالَهُ النَّاظِمُ وهو ظَاهِرُ كَلَامِهِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي فَإِنَّهُمَا قَالَا وَإِنْ نَزَلَتْ إلَى الْوَجْهِ فَمُوضِحَةٌ. قَوْلُهُ: وَإِنْ أَوْضَحَهُ مُوضِحَتَيْنِ بَيْنَهُمَا حَاجِزٌ فَعَلَيْهِ عَشَرَةٌ فَإِنْ خَرَقَ ما بَيْنَهُمَا أو ذَهَبَ بِالسِّرَايَةِ صَارَا مُوضِحَةً وَاحِدَةً وَإِنْ خَرَقَهُ الْمَجْنِيُّ عليه أو أَجْنَبِيٌّ فَهِيَ ثَلَاثُ مَوَاضِحَ بِلَا نِزَاعٍ في ذلك. قَوْلُهُ: وَإِنْ اخْتَلَفَا فِيمَنْ خَرَقَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَجْنِيِّ عليه هذا الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَأَكْثَرُهُمْ قَطَعَ بِهِ منهم صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ ابن منجا وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وقال مع بَقَاءِ التَّلَابُسِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال في التَّرْغِيبِ يُصَدَّقُ من يُصَدِّقُهُ الظَّاهِرُ بِقُرْبِ زَمَنٍ وَبُعْدِهِ فَإِنْ تَسَاوَيَا فَالْمَجْرُوحُ قال وَلَهُ أَرْشَانِ وفي ثَالِثٍ وَجْهَانِ انتهى. وقال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَإِنْ قال الْمَجْرُوحُ خَرَقْته بَعْدَ الْبُرْءِ صُدِّقَ مع طُولِ الزَّمَنِ وَلَهُ أَرْشُ مُوضِحَتَيْنِ فَقَطْ وَقِيلَ وَالْخَرْقِ بَيْنَهُمَا وَقِيلَ يُنْسَبُ من الْمُوضِحَةِ إنْ أَمْكَنَ. قَوْلُهُ: وَإِنْ خَرَقَ ما بين الْمُوضِحَتَيْنِ في الْبَاطِنِ يَعْنِي الْجَانِيَ فَهَلْ هِيَ مُوضِحَةٌ أو مُوضِحَتَانِ على وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا وَغَيْرِهِمْ أَحَدُهُمَا هِيَ مُوضِحَةٌ وَاحِدَةٌ وهو الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَالْوَجْهُ الثَّانِي هُمَا مُوضِحَتَانِ اخْتَارَهُ النَّاظِمُ
فائدتان: إحْدَاهُمَا: لو خَرَقَهُ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا فَمُوضِحَتَانِ على أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَالْمَذْهَبُ مِنْهُمَا وَقِيلَ مُوضِحَةٌ وَاحِدَةٌ. الثَّانِيَةُ: لو أَوْضَحَهُ جَمَاعَةٌ مُوضِحَةً فَهَلْ يُوضَحُ من كل وَاحِدٍ بِقَدْرِهَا أَمْ يُوَزَّعُ فيه الخلاف [للخلاف] الْمُتَقَدِّمِ. قَوْلُهُ: ثُمَّ الْهَاشِمَةُ وَهِيَ التي تُوضِحُ الْعَظْمَ وَتَهْشِمُهُ فَفِيهَا عَشْرٌ من الْإِبِلِ بِلَا نِزَاعٍ. قَوْلُهُ: فَإِنْ ضَرَبَهُ بِمُثَقَّلٍ فَهَشَمَهُ من غَيْرِ أَنْ يُوضِحَهُ فَفِيهِ حُكُومَةٌ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ خَمْسٌ من الْإِبِلِ كَهَشْمِهِ على مُوضِحَةٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي وَالشَّرْحِ. قَوْلُهُ: ثُمَّ الْمَأْمُومَةُ وَهِيَ التي تَصِلُ إلَى جِلْدَةِ الدِّمَاغِ وَتُسَمَّى أُمَّ الدِّمَاغِ وَتُسَمَّى الْمَأْمُومَةَ فَفِيهَا ثُلُثُ الدِّيَةِ بِلَا نِزَاعٍ وَقَوْلُهُ ثُمَّ الدَّامِغَةُ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَهِيَ التي تَخْرِقُ الْجِلْدَةَ فَفِيهَا ما في الْمَأْمُومَةِ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وَقِيلَ فيها مع ذلك حُكُومَةٌ لِخَرْقِ الْجِلْدَةِ قال الْقَاضِي ولم يذكر أصحابنَا الدَّامِغَةَ بِالْمُعْجَمَةِ لِمُسَاوَاتِهَا لِلْمَأْمُومَةِ في أَرْشِهَا قال الْمُصَنِّفُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ تَرَكُوا ذِكْرَهَا لِكَوْنِ صَاحِبِهَا لَا يَسْلَمُ غَالِبًا انتهى. قَوْلُهُ: وفي الْجَائِفَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ وَهِيَ التي تَصِلُ إلَى بَاطِنِ الْجَوْفِ من بَطْنٍ أو ظَهْرٍ أو صَدْرٍ أو نَحْرٍ بِلَا نِزَاعٍ وَقَوْلُهُ فَإِنْ خَرَقَهُ من جَانِبٍ فَخَرَجَ من جَانِبٍ آخَرَ فَهِيَ جَائِفَتَانِ هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ جَائِفَةٌ وَاحِدَةٌ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَقِيلَ فيه رِوَايَتَانِ ذَكَرَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. قَوْلُهُ: وَإِنْ طَعَنَهُ في خَدِّهِ فَوَصَلَ إلَى فَمِهِ فَفِيهِ حُكُومَةٌ هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ جَائِفَةً وهو لِأَبِي الْخَطَّابِ في الْهِدَايَةِ وَأَطْلَقَ وَجْهَيْنِ في الْمُذْهَبِ.
فائدة: وَكَذَا الْحُكْمُ لو أَنْفَذَ أَنْفًا أو ذَكَرًا أو جَفْنًا إلَى بَيْضَةِ الْعَيْنِ خِلَافًا وَمَذْهَبًا. قَوْلُهُ: وَإِنْ جَرَحَهُ في وَرِكِهِ فَوَصَلَ الْجُرْحُ إلَى جَوْفِهِ أو أَوْضَحَهُ فَوَصَلَ الْجُرْحُ إلَى قَفَاهُ فَعَلَيْهِ دِيَةُ جَائِفَةٍ وَمُوضِحَةٍ وَحُكُومَةٌ لِجُرْحِ الْقَفَا وَالْوَرِكِ بِلَا نِزَاعٍ وَإِنْ أَجَافَهُ وَوَسَّعَ آخِرَ الْجُرْحِ فَهِيَ جَائِفَتَانِ بِلَا نِزَاعٍ أَيْضًا. قَوْلُهُ: وَإِنْ وَسَّعَ ظَاهِرَهُ دُونَ بَاطِنِهِ أو بَاطِنَهُ دُونَ ظَاهِرِهِ فَعَلَيْهِ حُكُومَةٌ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَذَكَرَ في التَّرْغِيبِ وَجْهًا أنها جَائِفَةٌ.
فائدة: لو وطىء زَوْجَتَهُ وَهِيَ صَغِيرَةٌ أو نَحِيفَةٌ لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا لِمِثْلِهِ فَفَتَقَهَا لَزِمَهُ ثُلُثُ الدِّيَةِ وَمَعْنَى الْفَتْقِ خَرْقُ ما بين مَسْلَكِ الْبَوْلِ وَالْمَنِيِّ قَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَقِيلَ بَلْ مَعْنَاهُ خَرْقُ ما بين الدُّبُرِ وَالْقُبُلِ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ إلَّا أَنَّ هذا بَعِيدٌ لِأَنَّهُ يَبْعُدُ أَنْ يَذْهَبَ بِالْوَطْءِ ما بَيْنَهُمَا من الْحَاجِزِ لِأَنَّهُ غَلِيظٌ قَوِيٌّ انْتَهَيَا قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَإِنْ وطىء امْرَأَتَهُ فَخَرَقَ مَخْرَجَ الْبَوْلِ وَالْمَنِيِّ أو الْقُبُلَ وَالدُّبُرَ قُلْت وهو الصَّوَابُ وَلَكِنَّ الْوَاقِعَ في الْغَالِبِ الْأَوَّلُ وَجَزَمَ بِوُجُوبِ ثُلُثِ الدِّيَةِ الْخِرَقِيُّ وَالْمُصَنِّفُ في الْمُغْنِي وَالشَّارِحُ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ قال في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُسْتَوْعِبِ إنْ كان الْبَوْلُ يُسْتَمْسَكُ فَعَلَيْهِ ثُلُثُ الدِّيَةِ وَإِنْ كان لَا يُسْتَمْسَكُ فَعَلَيْهِ كَمَالُ دِيَتِهَا وَكَذَا قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وقال في الْفُنُونِ فِيمَنْ لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا الْقَوَدُ وَاجِبٌ لِأَنَّهُ قَتْلٌ بِفِعْلٍ يَقْتُلُ مِثْلُهُ وقال في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَمَنْ وطىء أَجْنَبِيَّةً كَبِيرَةً مُطَاوَعَةً بِلَا شُبْهَةٍ أو امْرَأَتَهُ وَمِثْلُهَا يُوطَأُ لِمِثْلِهِ فَأَفْضَاهَا فَهَدَرٌ لِعَدَمِ تَصَوُّرِ الزِّيَادَةِ وهو حَقٌّ له وَإِلَّا فَالدِّيَةُ فَإِنْ ثَبَتَ الْبَوْلُ فَجَائِفَةٌ وَلَا يَنْدَرِجُ أَرْشُ الْبَكَارَةِ في دِيَةِ إفْضَاءٍ على الْأَصَحِّ وقال في الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَلَوْ وطىء زَوْجَتَهُ الْكَبِيرَةَ الْمُحْتَمِلَةَ لِلْوَطْءِ وَفَتَقَهَا لم يَضْمَنْهَا جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُغْنِي وَالتَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِوُجُوبِ أَرْشِ الْبَكَارَةِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ وَأَطْلَقَ وَجْهَيْنِ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَلِلْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ أو إكْرَاهٍ ثُلُثُ الدِّيَةِ إنْ اُسْتُمْسِكَ الْبَوْلُ مع مَهْرِ مِثْلِهَا وَإِنْ لم يُسْتَمْسَكْ فَالدِّيَةُ كَامِلَةً.
فائدة: لو أَدْخَلَ إصْبَعَهُ في فَرْجِ بِكْرٍ فَأَذْهَبَ بَكَارَتَهَا فَلَيْسَ بِجَائِفَةٍ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا. قَوْلُهُ: وفي الضِّلْعِ بَعِيرٌ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَنَصَّ عليه وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَذَكَرَ ابن عقِيلٍ رِوَايَةً فيه حُكُومَةٌ.
تنبيه: قَوْلُهُ وفي الضِّلَعِ بَعِيرٌ كَذَا قال أَكْثَرُ الْأصحاب وَأَطْلَقُوا وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَقَيَّدَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ بِمَا إذَا أُجْبِرَ مُسْتَقِيمًا فَقَالُوا وفي الضِّلْعِ بَعِيرٌ إذَا أُجْبِرَ مُسْتَقِيمًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُرَادُ من أَطْلَقَ وَلَكِنَّ صَاحِبَ الرِّعَايَتَيْنِ غَايَرَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمَّا رَأَى من أَطْلَقَ وَقَيَّدَ حَكَاهُمَا قَوْلَيْنِ وقال الزَّرْكَشِيُّ ولم أَرَ هذا الشَّرْطَ لِغَيْرِ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وقد أَطْلَقَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ بِأَنَّ في الضِّلَعِ بعير [بعيرا] من غَيْرِ قَيْدٍ. قَوْلُهُ: وفي التَّرْقُوَتَيْنِ بَعِيرَانِ هذا الْمَذْهَبُ قَالَهُ الْقَاضِي وَأصحابهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وهو من الْمُفْرَدَاتِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ أَنَّ فيها أَرْبَعَةَ أَبْعِرَةٍ فإنه قال وفي التَّرْقُوَةِ بَعِيرَانِ وقال في الْإِرْشَادِ في كل تَرْقُوَةٍ بَعِيرَانِ فَهُوَ أَصْرَحُ من كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَصَرَفَ الْقَاضِي كَلَامَ الْخِرَقِيِّ إلَى الْمَذْهَبِ فقال الْمُرَادُ بِالتَّرْقُوَةِ التَّرْقُوَتَانِ اكْتَفَى بِلَفْظِ الْوَاحِدِ لِإِدْخَالِ الْأَلْفِ وَاللَّامِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلِاسْتِغْرَاقِ. قَوْلُهُ: وفي كل وَاحِدٍ من الذِّرَاعِ وَالزَّنْدِ وَالْعَضُدِ وَالْفَخِذِ وَالسَّاقِ بَعِيرَانِ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ أبي طَالِبٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَشَرْحِ ابن منجا وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَقَطَعَ بِهِ في الشَّرْحِ في الزَّنْدِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في عَظْمِ السَّاقِ وَالْفَخِذِ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ في الْفَخِذِ وَالسَّاقِ وَالزَّنْدِ وَعَنْهُ في كل وَاحِدٍ من ذلك بَعِيرٌ نَصَّ عليه في رِوَايَةِ صَالِحٍ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَقَالَهُ أبو الْخَطَّابِ وابن عَقِيلٍ وَجَمَاعَةٌ من أصحاب الْقَاضِي وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وقال الْمُصَنِّفُ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا تَقْدِيرَ في غَيْرِ الْخَمْسَةِ وَهِيَ الضِّلَعُ وَالتَّرْقُوَتَانِ وَالزَّنْدَانِ وَجَزَمَ أَنَّ في الزَّنْدِ بَعِيرَيْنِ وَذَكَرَ ابن عقِيلٍ في ذلك رِوَايَةً أَنَّ فيه حُكُومَةً نَقَلَ حَنْبَلٌ فِيمَنْ كُسِرَتْ يَدُهُ أو رِجْلُهُ فيها حُكُومَةٌ وَإِنْ انْجَبَرَتْ وَتَرْجَمَهُ أبو بَكْرٍ بِنَقْصِ الْعُضْوِ بِجِنَايَةٍ وَعَنْهُ في الزَّنْدِ الْوَاحِدِ أَرْبَعَةُ أَبْعِرَةٍ لِأَنَّهُ عَظْمَانِ وَفِيمَا سِوَاهُ بَعِيرَانِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ فِيمَا سِوَى الزَّنْدِ حُكُومَةً كما تَقَدَّمَ كَبَقِيَّةِ الْجُرُوحِ وَكَسْرِ الْعِظَامِ كَخَرَزَةِ صُلْبٍ وَعُصْعُصٍ وَعَانَةٍ قَالَهُ في الْإِرْشَادِ في غَيْرِ ضِلْعٍ. قَوْلُهُ: وَالْحُكُومَةُ أَنْ يُقَوَّمَ الْمَجْنِيُّ عليه كَأَنَّهُ عَبْدٌ لَا جِنَايَةَ بِهِ ثُمَّ يُقَوَّمُ وَهِيَ بِهِ قد بَرَأَتْ فما نَقَصَ من الْقِيمَةِ فَلَهُ مِثْلُهُ من الدِّيَةِ فَإِنْ كان قِيمَتُهُ وهو صَحِيحٌ عِشْرِينَ وَقِيمَتُهُ وَبِهِ الْجِنَايَةُ تِسْعَةَ عَشَرَ فَفِيهِ نِصْفُ عُشْرِ دِيَتِهِ بِلَا نِزَاعٍ في الْجُمْلَةِ وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْحُكُومَةُ في شَيْءٍ فيه مُقَدَّرٍ فَلَا يُبْلَغُ بِهِ أَرْشَ الْمُقَدَّرِ فَإِنْ كانت في الشِّجَاجِ التي دُونَ الْمُوضِحَةِ لم يُبْلَغْ بها أَرْشَ الْمُوضِحَةِ وَإِنْ كان في إصْبَعٍ لم يُبْلَغْ بها دِيَةُ الْإِصْبَعِ وَإِنْ كانت في أُنْمُلَةٍ لم يُبْلَغْ بها دِيَتَهَا هذا الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ وَالصَّحِيحُ من الرِّوَايَتَيْنِ وقال في الْفُرُوعِ وَلَا يُبْلَغُ بِحُكُومَةِ مَحِلٍّ له مُقَدَّرٌ مُقَدَّرَهُ على الْأَصَحِّ كَمُجَاوَزَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَاخْتَارَهُ الشَّرِيفُ وابن عَقِيلٍ قال الْقَاضِي في الْجَامِعِ هذا الْمَذْهَبُ وَعَنْهُ يُبْلَغُ بِهِ أَرْشُ الْمُقَدَّرِ وقال الزَّرْكَشِيُّ هو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَإِلَيْهِ مَيْلُ أبي مُحَمَّدٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَحَكَاهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ قال الشَّارِحُ وَيَحْتَمِلُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ أَنْ يُخَصَّصَ امْتِنَاعُ الزِّيَادَةِ بِالرَّأْسِ وَالْوَجْهِ لِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْجِنَايَةُ في وَجْهٍ أو رَأْسٍ فَلَا يُجَاوَزُ بِهِ أَرْشُ الْمُؤَقَّتِ. قَوْلُهُ: فَإِنْ كانت مِمَّا لَا تَنْقُصُ شيئا بَعْدَ الِانْدِمَالِ قُوِّمَتْ حَالَ جَرَيَانِ الدَّمِ هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَب وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ يُقَوَّمُ قُبَيْلَ الِانْدِمَالِ التَّامِّ وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ.
تنبيه: أَفَادَنَا الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ قُوِّمَتْ حَالَ جَرَيَانِ الدَّمِ أَنَّ ذلك لَا يَكُونُ هدر [هدرا] وَأَنَّ عليه فيه حُكُومَةً وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأصحاب الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ لَا شَيْءَ فيها وَالْحَالَةُ هذه اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ. قَوْلُهُ: فَإِنْ لم تُنْقِصْهُ شيئا بِحَالٍ أو زَادَتْهُ حُسْنًا كَإِزَالَةِ لِحْيَةِ امْرَأَةٍ أو إصْبَعٍ زَائِدَةٍ وَنَحْوِهِ فَلَا شَيْءَ فيها هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب قال في الْمُحَرَّرِ فَلَا شَيْءَ فيها على الْأَصَحِّ قال في الْفُرُوعِ فَلَا شَيْءَ فيها في الْأَصَحِّ وَكَذَا قال النَّاظِمُ وَصَحَّحَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا وَقِيلَ بَلَى قال الْقَاضِي نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ على هذا قال الْمُصَنِّفُ فَعَلَى هذا يُقَوَّمُ في أَقْرَبِ الْأَحْوَالِ إلَى الْبُرْءِ فَإِنْ لم يَنْقُصْ في ذلك الْحَالِ قُوِّمَ حَالَ جَرَيَانِ الدَّمِ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ من نَقْصٍ لِلْخَوْفِ عليه ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَتُقَوَّمُ لِحْيَةُ الْمَرْأَةِ كَأَنَّهَا لِحْيَةُ رَجُلٍ في حَالٍ يُنْقِصُهُ ذَهَابُ لِحْيَتِهِ ذَكَرَهُ أبو الْخَطَّابِ وَجَزَمَ بهذا الْقَوْلِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ.
فائدة: [في سبب تسمية العاقلة بهذا الاسم] سُمِّيَتْ عَاقِلَةً لِأَنَّهُمْ يَعْقِلُونَ نَقَلَهُ حَرْبٌ وَجَزَمَ بِهِ في الْفُرُوعِ وَقِيلَ لِأَنَّهُمْ يَمْنَعُونَ عن الْقَاتِلِ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقِيلَ لِأَنَّ الْإِبِلَ تُجْمَعُ فَتُعْقَلُ بِفِنَاءِ أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ أَيْ تُشَدُّ عُقُلُهَا لِتُسَلَّمَ إلَيْهِمْ وَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ الدِّيَةُ عَقْلًا وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَقِيلَ لِإِعْطَائِهِمْ الْعَقْلَ الذي هو الدِّيَةُ. قَوْلُهُ: عَاقِلَةُ الْإِنْسَانِ عِصَبَاتُهُ كلهم قَرِيبُهُمْ وَبَعِيدُهُمْ من النَّسَبِ وَالْوَلَاءِ إلَّا عَمُودَيْ نَسَبِهِ آبَاؤُهُ وَأَبْنَاؤُهُ هذا إحْدَى الرِّوَايَاتِ قال الْقَاضِي في كِتَابِ الرِّوَايَتَيْنِ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ هذا اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ قُلْت ليس كما قال فإنه قال وَالْعَاقِلَةُ الْعُمُومَةُ وَأَوْلَادُهُمْ وَإِنْ سَفَلُوا في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى الْأَبُ وَالِابْنُ وَالْإِخْوَةُ وَكُلُّ الْعَصَبَةِ من الْعَاقِلَةِ انتهى. وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وقال في التَّرْغِيبِ وَالْبُلْغَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الِابْنُ من عَصَبَةِ أُمِّهِ وَسَبَقَهُ إلَى ذلك السَّامِرِيُّ في مُسْتَوْعِبِهِ وَعَنْهُ أَنَّهُمْ من الْعَاقِلَةِ أَيْضًا وهو الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب منهم أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَالشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وابن عَقِيلٍ في التَّذْكِرَةِ وَالشِّيرَازِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ قال في تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ عَاقِلَةُ الْإِنْسَانِ ذُكُورُ عَصَبَتِهِ وَلَوْ عَمُودَيْ نَسَبِهِ على الْأَظْهَرِ قال في الْفُرُوعِ نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ وَقَدَّمَهُ في الْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْبُلْغَةِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ الْجَمِيعُ عَاقِلَتُهُ إلَّا أَبْنَاؤُهُ إذَا كان امْرَأَةً قال في الْمُحَرَّرِ وَهِيَ أَصَحُّ قال الزَّرْكَشِيُّ وَعَلَيْهَا يَقُومُ الدَّلِيلُ نَقَلَ حَرْبٌ الِابْنُ لَا يَعْقِلُ عن أُمِّهِ لِأَنَّهُ من قَوْمٍ آخَرِينَ وقال الزَّرْكَشِيُّ ظَاهِرُ كَلَامِ ابن أبي موسى وابن أبي الْمَجْدِ وَأَبِي بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ أَنَّ الْعَاقِلَةَ كُلُّ الْعَصَبَةِ إلَّا الْأَبْنَاءَ وَلَعَلَّهُ يَقِيسُ أَبْنَاءَ الرَّجُلِ على أَبْنَاءِ الْمَرْأَةِ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ انتهى. وَعَنْهُ الْجَمِيعُ عَاقِلَتُهُ إلَّا عَمُودَيْ نَسَبِهِ وَإِخْوَتَهُ وَهِيَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَتَقَدَّمَ لَفْظُهُ وَيَأْتِي التَّرْتِيبُ في ذلك وَتَقَدَّمَ في بَابِ الْوَلَاءِ أَنَّ عَاقِلَةَ الْعَبْدِ الْمُعْتَقِ عَصَبَاتُ سَيِّدِهِ فَكَلَامُهُ هُنَا مُقَيَّدٌ بِذَلِكَ. قَوْلُهُ: وَلَيْسَ على فَقِيرٍ وَلَا صَبِيٍّ وَلَا زَائِلِ الْعَقْلِ وَلَا امْرَأَةٍ وَلَا خُنْثَى مُشْكِلٍ وَلَا رَقِيقٍ وَلَا مُخَالِفٍ لِدِينِ الْجَانِي حَمْلُ شَيْءٍ هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ أَنَّ الْفَقِيرَ يَحْمِلُ من الْعَقْلِ وَأَطْلَقَهُمَا الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَقَيَّدَهُ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ بِالْمُعْتَمَلِ قال الزَّرْكَشِيُّ وهو حَسَنٌ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَعَنْهُ تَحْمِلُ الْخُنْثَى وَالْمَرْأَةُ بِالْوَلَاءِ وَعَنْهُ الْمُمَيِّزُ من الْعَاقِلَةِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ في الْعُمْدَةِ أَنَّ الْمَرْأَةَ وَالْخُنْثَى يَحْمِلَانِ من الْعَقْلِ فإنه ما ذَكَرَ إلَّا الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ وَالْفَقِيرَ وَمَنْ يُخَالِفُ دِينَهُ.
تنبيه: مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْهَرِمَ وَالزَّمِنَ وَالْأَعْمَى يَحْمِلُ من الْعَقْلِ بِشَرْطِهِ وهو أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ وَجَزَمَ بِهِ في الْبُلْغَةِ وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيُّ قال في الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَيَعْقِلُ الزَّمِنُ وَالشَّيْخُ وَالضَّعِيفُ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَحْمِلُونَ قَدَّمَه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْفُرُوعِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهَرِمِ وَالزَّمِنِ في الْكُبْرَى. قَوْلُهُ: وَخَطَأُ الْإِمَامِ وَالْحَاكِمِ في أَحْكَامِهِ في بَيْتِ الْمَالِ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأصحاب كَخَطَأِ الْوَكِيلِ وَعَنْهُ على عَاقِلَتِهِمَا وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُرَادُ فِيمَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ نَقَلَهُ في الْفُرُوعِ عن صَاحِبِ الرَّوْضَةِ كَخَطَئِهِمَا في غَيْرِ الْحُكْمِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ لِلْإِمَامِ عَزْلُ نَفْسِهِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ.
فائدة: وَكَذَا الْحُكْمُ إنْ زَادَ سَوْطًا كَخَطَأٍ في حَدٍّ أو تَعْزِيرٍ أو جَهِلَا حَمْلًا أو بَانَ من حَكَمَا بِشَهَادَتِهِ غير أَهْلٍ وَيَأْتِي الْخَطَأُ في الْحَدِّ في كِتَابِ الْحُدُودِ. قَوْلُهُ: وَهَلْ يَتَعَاقَلُ أَهْلُ الذِّمَّةِ على رِوَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُذْهَبِ وَالشَّرْحِ وَالْحَاوِي إحْدَاهُمَا: يَتَعَاقَلُونَ وهو الْمَذْهَبُ قال في الْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَأَهْلُ الذِّمَّةِ يَتَعَاقَلُونَ على الْأَصَحِّ قال في الْمُحَرَّرِ يَتَعَاقَلُونَ وهو الْأَصَحُّ قال النَّاظِمُ يَتَعَاقَلُونَ في الْأَظْهَرِ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَالرِّوَايَةُ. الثَّانِيَةُ: لَا يَتَعَاقَلُونَ فَعَلَى الْمَذْهَبِ فيه مع اخْتِلَافِ مِلَلِهِمْ وَجْهَانِ هُمَا رِوَايَتَانِ في التَّرْغِيبِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِي وَالنَّظْمِ وَذَكَرَهُمَا في الْكَافِي وَجْهَيْنِ وقال بِنَاءً على الرِّوَايَتَيْنِ في تَوْرِيثِهِمْ أَحَدُهُمَا يَتَعَاقَلُونَ أَيْضًا وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَكَثِيرٍ من الْأصحاب وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالثَّانِيَةُ لَا يَتَعَاقَلُونَ. قَوْلُهُ: وَلَا يَعْقِلُ ذِمِّيٌّ عن حَرْبِيٍّ وَلَا حَرْبِيٌّ عن ذِمِّيٍّ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَقِيلَ يَتَعَاقَلَانِ إنْ قُلْنَا يَتَوَارَثَانِ وَإِلَّا فَلَا وهو تَخْرِيجٌ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ. قَوْلُهُ: وَمَنْ لَا عَاقِلَةَ له أو لم تَكُنْ له عَاقِلَةٌ تَحْمِلُ الْجَمِيعَ فَالدِّيَةُ أو بَاقِيهَا عليه إنْ كان ذِمِّيًّا هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي في كُتُبِهِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَقِيلَ كَمُسْلِمٍ وَأَجْرَى في الْمُحَرَّرِ الرِّوَايَتَيْنِ اللَّتَيْنِ في الْمُسْلِمِ هُنَا وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ. قَوْلُهُ: وَإِنْ كان مُسْلِمًا أَخَذَ من بَيْتِ الْمَالِ هذا الْمَذْهَبُ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ من الرِّوَايَتَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ لَا تَحْمِلُهُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ وَأَطْلَقَهُمَا في الشَّرْحِ وَظَاهِرُ ما جَزَمَ بِهِ في الْعُمْدَةِ أَنَّ ذلك على الْجَانِي فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَكُونُ حَالًّا في بَيْتِ الْمَالِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ صَحَّحَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ حُكْمُهُ حُكْمُ الْعَاقِلَةِ. قَوْلُهُ: فَإِنْ لم يُمْكِنْ يَعْنِي أَخْذُهَا من بَيْتِ الْمَالِ فَلَا شَيْءَ على الْقَاتِلِ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأصحاب وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ قال الزَّرْكَشِيُّ وَهَذَا الْمَعْرُوفُ عِنْدَ الْأصحاب بِنَاءً على أَنَّ الدِّيَةَ وَجَبَتْ على الْعَاقِلَةِ ابْتِدَاءً وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرُهُمْ قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَجِبَ في مَالِ الْقَاتِلِ قال الْمُصَنِّفُ هُنَا وهو أَوْلَى فَاخْتَارَهُ ثُمَّ قال كما لو قالوا في فِطْرَةِ زَوْجَةِ الْمُعْسِرِ وَضَيْفِهِ فإنه عَلَيْهِمَا دُونَهُ لِأَنَّهُمَا مُحْتَمَلَانِ لَا أَصْلِيَّانِ وَكَقِرَاءَةِ الْمَأْمُومِ بِمَنْ لَا يَرَى تَحَمُّلَهَا عنه وَنَحْوِ ذلك وهو كُلُّ من تَحَمَّلَ عنه شيئا مَغْرَمًا أو مَغْنَمًا بِاخْتِيَارِهِ له لِتَسَبُّبِهِ فيه أو قَهْرًا عنه بِأَصْلِ الشَّرْعِ وَنَحْوِ ذلك وقال كَقَوْلِهِمْ في الْمُرْتَدِّ يَجِبُ أَرْشُ خَطَئِهِ في مَالِهِ وَلَوْ رَمَى وهو مُسْلِمٌ فلم يُصِبْ السَّهْمُ حتى ارْتَدَّ كان عليه في مَالِهِ وَلَوْ رَمَى الْكَافِرُ سَهْمًا ثُمَّ أَسْلَمَ ثُمَّ قَتَلَ السَّهْمُ إنْسَانًا فَدِيَتُهُ في مَالِهِ وَلَوْ جَنَى بن الْمُعْتَقَةِ ثُمَّ انْجَرَّ وَلَاؤُهُ ثُمَّ سَرَتْ جِنَايَتُهُ فَأَرْشُ الْجِنَايَةِ في مَالِهِ لِتَعَذُّرِ حَمْلِ الْعَاقِلَةِ له قال فَكَذَا هذا فَاسْتَشْهَدَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ على صِحَّةِ ما اخْتَارَهُ بِهَذِهِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهَا وَذَكَرَ أَنَّ الْأصحاب قالوا بها فَنَذْكُرُ كُلَّ مَسْأَلَةٍ من الْمُسْتَشْهَدِ بها وما فيها من الْخِلَافِ فَمِنْهَا. قَوْلُهُ: يَجِبُ أَرْشُ خَطَأِ الْمُرْتَدِّ في مَالِهِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَنَسَبَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا إلَى الْأصحاب وَلَا شَكَّ أَنَّ عليه جَمَاهِيرَ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وحكى وَجْهٌ لَا شَيْءَ عليه كَالْمُسْلِمِ وَمِنْهَا. قَوْلُهُ: وَلَوْ رَمَى وهو مُسْلِمٌ فلم يُصِبْ السَّهْمُ حتى ارْتَدَّ كان عليه في مَالِهِ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ لَا شَيْءَ عليه وَمِنْهَا. قَوْلُهُ: وَلَوْ رَمَى الْكَافِرُ سَهْمًا ثُمَّ أَسْلَمَ ثُمَّ قَتَلَ السَّهْمُ إنْسَانًا فَدِيَتُهُ في مَالِهِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ لَا شَيْءَ عليه وَمِنْهَا. قَوْلُهُ: وَلَوْ جَنَى بن الْمُعْتَقَةِ ثُمَّ انْجَرَّ وَلَاؤُهُ ثُمَّ سَرَتْ جِنَايَتُهُ فَأَرْشُ الْجِنَايَةِ في مَالِهِ لِتَعَذُّرِ حَمْلِ الْعَاقِلَةِ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن منجا وَغَيْرِهِمْ قال في الْفُرُوعِ وَإِنْ تَغَيَّرَ دِينُ جَارِحٍ حَالَتَيْ جَرْحٍ وَزُهُوقٍ عَقَلَتْ عَاقِلَتُهُ حَالَ الْجَرْحِ وَقِيلَ أَرْشُهُ وَقِيلَ الْكُلُّ في مَالِهِ وَإِنْ انْجَرَّ وَلَاءُ بن معتقه بين جَرْحٍ أو رمى وَتَلِفَ فَكَتَغَيُّرِ دِينٍ وَقَالَهُ في الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ.
فائدة: قَوْلُهُ: وَلَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ عَمْدًا وَلَا عَبْدًا وَلَا صُلْحًا فَسَّرَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ الصُّلْحَ بِالصُّلْحِ عن دَمِ الْعَمْدِ وقال الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ يُغْنِي عن ذلك ذِكْرُ الْعَمْدِ بَلْ مَعْنَاهُ صَالَحَ عنه صُلْحَ إنْكَارٍ وَجَزَمَ بِهِ في الرَّوْضَةِ قال الشَّارِحُ وهو أَوْلَى وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَجَزَمَ بِهِ ابن منجا في شَرْحِهِ وهو الصَّوَابُ.
تنبيه: قَوْلُهُ وَلَا اعْتِرَافًا وَمَعْنَاهُ أَنْ يُقِرَّ على نَفْسِهِ أَنَّهُ قَتَلَ خَطَأً أو شِبْهَ عَمْدٍ أو جَنَى جِنَايَةَ خَطَأٍ أو شِبْهَ عَمْدٍ تُوجِبُ ثُلُثَ الدِّيَةِ فَأَكْثَرَ فَلَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ لَكِنَّ مُرَادَهُمْ إذَا لم تُصَدِّقْهُ الْعَاقِلَةُ بِهِ وَتَعْلِيلُهُمْ يَدُلُّ عليه بَلْ وَصَرَّحَ بِه ابن نَصْرِ اللَّهِ في حَاشِيَتِهِ على شَرْحِ الزَّرْكَشِيّ لِلْخِرَقِيِّ لَكِنْ لو سَكَتَتْ فلم تَتَكَلَّمْ أو قالت لَا نُصَدِّقُهُ وَلَا نُكَذِّبُهُ أو قالت لَا عِلْمَ لنا بِذَلِكَ فَهَلْ هو كَقَوْلِ الْمُدَّعِي لَا أُقِرُّ وَلَا أُنْكِرُ أو لَا أَعْلَمُ قَدْرَ حَقِّهِ أو كَسُكُوتِهِ وهو الْأَظْهَرُ إنْ كان ذلك في جَوَابِ دَعْوَى فَنُكُولُهُمْ كَنُكُولِهِ وَإِنْ لم يَكُنْ في جَوَابِ دَعْوَى لم يَلْزَمْهُمْ شَيْءٌ ولم يَصِحَّ الْحُكْمُ بِنُكُولِهِمْ وَصَرَّحَ بِهِ أَيْضًا في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فقال فيها وَلَا اعْتِرَافًا تُنْكِرُهُ انتهى. قَوْلُهُ: وَلَا ما دُونَ ثُلُثِ الدِّيَةِ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَنَقَل ابن مَنْصُورٍ إذَا شَرِبَتْ دَوَاءً عَمْدًا فَأَسْقَطَتْ جَنِينًا فَالدِّيَةُ على الْعَاقِلَةِ قال في الْفُرُوعِ فَيَتَوَجَّهُ منها احْتِمَالُ تَحَمُّلِ الْعَاقِلَةِ الْقَلِيلَ وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ ما أَصَابَ الصَّبِيَّ من شَيْءٍ فَعَلَى الْأَبِ إلَى قَدْرِ ثُلُثِ الدِّيَةِ فإذا جَاوَزَ ثُلُثَ الدِّيَةِ فَعَلَى الْعَاقِلَةِ فَهَذِهِ رِوَايَةٌ لَا تَحْمِلُ الثُّلُثَ.
تنبيه: قَوْلُهُ وَلَا ما دُونَ ثُلُثِ الدِّيَةِ وَيَكُونُ ذلك في مَالِ الْجَانِي حَالًّا إلَّا غُرَّةَ الْجَنِينِ إذَا مَاتَ مع أُمِّهِ فإن الْعَاقِلَةَ تَحْمِلُهَا مع دِيَةِ أُمِّهِ يَعْنِي وَهِيَ أَقَلُّ من ثُلُثِ الدِّيَةِ بِانْفِرَادِهَا لَكِنْ لَمَّا وَجَبَتْ مع الْأُمِّ في حَالَةٍ وَاحِدَةٍ بِجِنَايَةٍ وَاحِدَةٍ مع زِيَادَتِهِمَا على الثُّلُثِ حَمَلَتْهَا الْعَاقِلَةُ كَالدِّيَةِ الْوَاحِدَةِ وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأصحاب وقال في عُيُونِ الْمَسَائِلِ خَبَرُ الْمَرْأَةِ التي قَتَلَتْ الْمَرْأَةَ وَجَنِينَهَا وَجْهُ الدَّلِيلِ أَنَّهُ صلى اللَّهُ عليه وسلم قَضَى بِدِيَةٍ الجنين [للجنين] على الْجَانِيَةِ حَيْثُ لم تَبْلُغْ الثُّلُثَ. قَوْلُهُ: وَإِنْ مَاتَا مُنْفَرِدَيْنِ لم تَحْمِلْهَا الْعَاقِلَةُ لِنَقْصِهَا عن الثُّلُثِ إنْ مَاتَ ولم تَمُتْ الْأُمُّ لم تَحْمِلْهَا الْعَاقِلَةُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَنَقَل ابن مَنْصُورٍ إذَا شَرِبَتْ دَوَاءً فَأَسْقَطَتْ جَنِينَهَا فَالدِّيَةُ على الْعَاقِلَةِ وَتَقَدَّمَ ذلك قَرِيبًا وَإِنْ مَاتَا من الضَّرْبَةِ فَإِنْ مَاتَا مَعًا حَمَلَتْهَا بِلَا نِزَاعٍ وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ مَوْتِ أُمِّهِ حَمَلَتْهَا أَيْضًا على الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ أنها لَا تَحْمِلُهَا فَإِنَّهُمَا قَالَا إذَا مَاتَ قبل مَوْتِ أُمِّهِ لم تَحْمِلْهَا نَصَّ عليه وَإِنْ مَاتَ مع أُمِّهِ حَمَلَتْهَا نَصَّ عليه انْتَهَيَا وهو مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَإِنْ مَاتَ قبل مَوْتِ أُمِّهِ لم تَحْمِلْهَا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ نَصَّ عليه وَقَطَعَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وهو مُقْتَضَى كَلَامِهِ هُنَا وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَجَزَمَ في الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالنَّظْمِ بِأَنَّهَا تَحْمِلُهَا قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ من قِبَلِ أَنَّهُمَا نَفْسٌ وَاحِدَةٌ وقال أَيْضًا الْجِنَايَةُ عَلَيْهِمَا وَاحِدَةٌ قال الزَّرْكَشِيُّ وهو الصَّوَابُ وهو كما قال. قَوْلُهُ: وَتَحْمِلُ جِنَايَةَ الْخَطَإِ على الْحُرِّ إذَا بَلَغَتْ الثُّلُثَ هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا رِوَايَةُ أبي طَالِبٍ وَقَوْلُهُ وقال أبو بَكْرٍ لَا تَحْمِلُ شِبْهَ الْعَمْدِ وَيَكُونُ في مَالِ الْقَاتِلِ في ثَلَاثِ سِنِينَ. اعْلَمْ أَنَّ الْأصحاب اخْتَلَفُوا في شِبْهِ الْعَمْدِ هل تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ أَمْ لَا وَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ أنها تَحْمِلُهُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَشْهُورُ من الرِّوَايَتَيْنِ وَالْمُخْتَارُ لِعَامَّةِ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَالْمُصَنِّفُ في الْمُقْنِعِ في أَوَّلِ كِتَابِ الدِّيَاتِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرُهُمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَصَحَّحَهُ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وقال أبو بَكْرٍ لَا تَحْمِلُ شِبْهَ الْعَمْدِ وَيَكُونُ في مَالِ الْقَاتِلِ في ثَلَاثِ سِنِينَ وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ قال في الرِّعَايَتَيْنِ وَلَا تَحْمِلُ شِبْهَ عَمْدٍ في الْأَصَحِّ إذَا عَلِمْت ذلك فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَأْتِيَ الْمُصَنِّفُ بِالْوَاوِ قَبْلُ قال أبو بَكْرٍ لِتَظْهَرَ الْمُغَايَرَةُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وقال أبو بَكْرٍ مَرَّةً يَكُونُ في مَالِ الْقَاتِلِ حَالًّا وَقَدَّمَهُ في التَّبْصِرَةِ كَغَيْرِهِ وَذَكَرَ أبو الْفَرَجِ تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ حَالًّا وقال في التَّبْصِرَةِ لَا تَحْمِلُ عَمْدًا وَلَا صُلْحًا وَلَا اعْتِرَافًا وَلَا ما دُونَ الثُّلُثِ وَجَمِيعُ ذلك في مال [حال] الْجَانِي في ثَلَاثِ سِنِينَ. قَوْلُهُ: وما يَحْمِلُهُ كُلُّ وَاحِدٍ من الْعَاقِلَةِ غَيْرُ مُقَدَّرٍ لَكِنْ يُرْجَعُ فيه إلَى اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ فَيَحْمِلُ كُلُّ إنْسَانٍ منهم ما يَسْهُلُ وَلَا يَشُقُّ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَنَصَّ عليه وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وقال أبو بَكْرٍ يَجْعَلُ على الْمُوسِرِ نِصْفَ دِينَارٍ وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ رُبْعًا وهو رِوَايَةٌ عن الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ.
فائدة: الْمُوسِرُ هُنَا من مَلَكَ نِصَابًا عِنْدَ حُلُولِ الْحَوْلِ فَاضِلًا عنه كَالْحَجِّ وَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ. قَوْلُهُ: وَهَلْ يَتَكَرَّرُ ذلك في الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ أَمْ لَا على وَجْهَيْنِ يَعْنِي على قَوْلِ أبي بَكْرٍ وَأَطْلَقَهُمَا في الْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَشَرْحِ ابن منجا وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ أَحَدُهُمَا يَتَكَرَّرُ فَيَكُونُ الْوَاجِبُ على الْغَنِيِّ في الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ دِينَارٌ وَنِصْفُ دِينَارٍ وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ دِينَارٍ قال في الْكَافِي لِأَنَّهُ قَدْرٌ يَتَعَلَّقُ بِالْحَوْلِ على سَبِيلِ الْمُوَاسَاةِ فَيَتَكَرَّرُ بِالْحَوْلِ كَالزَّكَاةِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَتَكَرَّرُ فَيَكُونُ على الْغَنِيِّ نِصْفُ دِينَارٍ في الْحَوْلِ الْأَوَّلِ لَا غَيْرُ وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ رُبْعُ دِينَارٍ لَا غَيْرُ قَالَهُ ابن منجا وَغَيْرُهُ قال في الْكَافِي لو قُلْنَا يَتَكَرَّرُ لَأَفْضَى إلَى إيجَابِ أَقَلَّ من الزَّكَاةِ فَيَكُونُ مُضِرًّا انتهى. قُلْت إنْ بَقِيَ الْغَنِيُّ في الْحَوْلِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ غَنِيًّا تَكَرَّرَ وكذا إنْ بَقِيَ مُتَوَسِّطًا في الْحَوْلِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ تَكَرَّرَ وَإِلَّا فَلَا وَقَدَّمَه ابن رَزِينٍ في شَرْحِهِ. قَوْلُهُ: وَيُبْدَأُ بِالْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ كَالْعَصَبَاتِ في الْمِيرَاثِ وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في النَّظْمِ وَالْفُرُوعِ وَصَحَّحَهُ في الشَّرْحِ وَغَيْرِهِ وقال في الْوَاضِحِ وَالْمُذْهَبِ وَالتَّرْغِيبِ يُبْدَأُ بِالْآبَاءِ ثُمَّ بِالْأَبْنَاءِ وَقِيلَ مُدْلٍ بِأَبٍ كَالْأُخْوَةِ وَأَبْنَائِهِمْ وَالْأَعْمَامِ وَأَبْنَائِهِمْ كَمُدْلٍ بِأَبَوَيْنِ قَدَّمَهُ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ ذَكَرَهُ في كِتَابِ النِّكَاحِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَذَكَرَ ابن عقِيلٍ الْأَخَ لِلْأَبِ هل يُسَاوِي الْأَخَ لِلْأَبَوَيْنِ على رِوَايَتَيْنِ وَخَرَجَ منها مُسَاوَاةُ بَعِيدٍ لِقَرِيبٍ وقال في التَّرْغِيبِ لَا يُضْرَبُ على عَاقِلَةِ مُعْتَقَةٍ في حَيَاةِ مُعْتِقَةٍ بِخِلَافِ عَصَبَةِ النَّسَبِ قال في الْفُرُوعِ كَذَا قال وَنَقَلَ حَرْبٌ وَالْمَوْلَى يَعْقِلُ عنه عَصَبَةُ الْمُعْتَقِ.
فائدة: يُؤْخَذُ من الْبَعِيدِ لِغَيْبَةِ الْقَرِيبِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يُبْعَثُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: وما تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ يَجِبُ مُؤَجَّلًا في ثَلَاثِ سِنِينَ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ منهم وقال في الرَّوْضَةِ دِيَةُ الخطأ في خَمْسِ سِنِينَ في كل سَنَةٍ خُمُسُهَا وَذَكَرَ أبو الْفَرَجِ ما تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ يَكُونُ حَالًّا وَتَقَدَّمَ ذلك. قَوْلُهُ: وما تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ يَجِبُ مُؤَجَّلًا في ثَلَاثِ سِنِينَ في كل سَنَةٍ ثُلُثُهُ إنْ كان دِيَةً كَامِلَةً وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ. قَوْلُهُ: وَإِنْ كان الْوَاجِبُ ثُلُثَ الدِّيَةِ كَأَرْشِ الْجَائِفَةِ وَجَبَ في رَأْسِ الْحَوْلِ وَإِنْ كان نِصْفَهَا كَدِيَةِ الْيَدِ وَجَبَ في رَأْسِ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ الثُّلُثُ وَبَاقِيهِ في رَأْسِ الْحَوْلِ الثَّانِي وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِالتَّأْجِيلِ وَإِنْ كان الْوَاجِبُ أَكْثَرَ من الثُّلُثَيْنِ وَجَبَ الثُّلُثَانِ في السَّنَتَيْنِ وَالْبَاقِي في آخِرِ الثَّالِثَةِ. قَوْلُهُ: وَإِنْ كان دِيَةَ امْرَأَةٍ وَكِتَابِيٍّ فَكَذَلِكَ يَعْنِي يَجِبُ ثُلُثَاهَا في رَأْسِ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ وهو قَدْرُ ثُلُثِ دِيَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ وَبَاقِيهَا في رَأْسِ الْحَوْلِ الثَّانِي وهو الْمَذْهَبُ قال ابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ هذا الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تُقَسَّمَ في ثَلَاثِ سِنِينَ لِكَوْنِهَا دِيَةَ نَفْسٍ وَإِنْ كانت أَقَلَّ من دِيَةِ الرَّجُلِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي في خِلَافِهِ وَأصحابهُ. قَوْلُهُ: وَإِنْ كان أَكْثَرَ من دِيَةٍ كما لو جَنَى عليه فَأَذْهَبَ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ لم يَزِدْ في كل حَوْلٍ على الثُّلُثِ وَكَذَا لو قَتَلَتْ الضَّرْبَةُ الْأُمَّ وَجَنِينَهَا بعد ما اسْتَهَلَّ وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقِيلَ يُؤْخَذُ الْكُلُّ في ثَلَاثِ سِنِينَ.
فائدة: لو قَتَلَ شَخْصٌ اثْنَيْنِ لَزِمَ عَاقِلَتَهُ في كل حَوْلٍ من كل دِيَةٍ ثُلُثُهَا فَيَلْزَمُهُمْ دِيَتُهُمَا في ثَلَاثِ سِنِينَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ كما لو أَذْهَبَ بِجِنَايَتَيْنِ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَقِيلَ يَجِبُ دِيَةُ الِاثْنَيْنِ في سِتِّ سِنِينَ. قَوْلُهُ: وَابْتِدَاءُ الْحَوْلِ في الْجُرْحِ من حِينِ الِانْدِمَالِ وفي الْقَتْلِ من حِينِ الْمَوْتِ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وقال الْقَاضِي إنْ لم يَسِرْ الْجُرْحُ إلَى شَيْءٍ فَحَوْلُهُ من حِينِ الْقَطْعِ قال في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وقال الْقَاضِي ابْتِدَاؤُهُ في الْقَتْلِ الْمُوحِي وَالْجُرْحِ إنْ لم يَسِرْ عن مَحِلِّهِ من حِينِ الجناية [الجنابة].
فائدة: من صَارَ أَهْلًا عِنْدَ الْحَوْلِ لَزِمَهُ ما تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ على أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ قَالَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: وَعَمْدُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ خَطَأٌ تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ عَمْدُ الْمَجْنُونِ خَطَأٌ تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ بِلَا نِزَاعٍ وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ مُطْلَقًا وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي وَالْهَادِي وَالْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ في الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ أَنَّ عَمْدَهُ في مَالِهِ قال ابن عَقِيلٍ وَالْحَلْوَانِيُّ وَتَكُونُ مُغَلَّظَةً وَذَكَرَ في الْوَاضِحِ رِوَايَةً تَكُونُ في مَالِهِ بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ وَنَقَلَ أبو طَالِبٍ ما أَصَابَ الصَّبِيُّ من شَيْءٍ فَعَلَى الْأَبِ إلَى قَدْرِ ثُلُثِ الدِّيَةِ فإذا جَاوَزَ ثُلُثَ الدِّيَةِ فَعَلَى الْعَاقِلَةِ قال في الْفُرُوعِ فَهَذِهِ رِوَايَةٌ لَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ الثُّلُثَ وَتَقَدَّمَ ذلك أَيْضًا بَابُ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ. قَوْلُهُ: وَمَنْ قَتَلَ نَفْسًا مُحَرَّمَةً خَطَأً أو ما أُجْرِيَ مَجْرَاهُ أو شَارَكَ فيها فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ هذا الْمَذْهَبُ سَوَاءٌ قَتَلَ نَفْسَهُ أو غَيْرَهَا وَسَوَاءٌ كان الْقَاتِلُ مُسْلِمًا أو كَافِرًا جَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ لَا تَلْزَمُ قَاتِلَ نَفْسِهِ قال الزَّرْكَشِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَعَنْهُ لَا تَلْزَمُ قَاتِلَ نَفْسِهِ وَلَا كَافِرًا بِنَاءً على كَفَّارَةِ الظِّهَارِ قَالَهُ في الْوَاضِحِ وَعَنْهُ على الْمُشْتَرِكِينَ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ قال الزَّرْكَشِيُّ وَهِيَ أَظْهَرُ من جِهَةِ الدَّلِيلِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَتَقَدَّمَ حُكْمُ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ عِنْدَ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ. قَوْلُهُ: أو ضَرَبَ بَطْنَ امْرَأَةٍ فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا أو حَيًّا ثُمَّ مَاتَ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ هذا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمْ من الْأصحاب وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وقال في الْإِرْشَادِ وَإِنْ جَنَى عليها فَأَلْقَتْ جَنِينَيْنِ فَأَكْثَرَ فَقِيلَ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَقِيلَ تَتَعَدَّدُ قال في الْفُرُوعِ فَيُخَرَّجُ مِثْلُهُ في جَنِينٍ وَأُمِّهِ.
تنبيه: ظَاهِرُ قَوْلِهِ فَأَلْقَتْ جَنِينًا أنها لو أَلْقَتْ مُضْغَةً لم تَتَصَوَّرْ لَا كَفَّارَةَ فيها وهو صَحِيحٌ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَقِيلَ فيه الْكَفَّارَةُ. قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كان الْقَاتِلُ كَبِيرًا عَاقِلًا أو صَبِيًّا أو مَجْنُونًا حُرًّا أو عَبْدًا بِلَا نِزَاعٍ في ذلك إلَّا الْمَجْنُونَ فإنه قال في الِانْتِصَارِ لَا كَفَّارَةَ عليه. قَوْلُهُ: وَيُكَفِّرُ الْعَبْدُ بِالصِّيَامِ يَأْتِي حُكْمُ الْعَبْدِ في التَّكْفِيرِ في آخِرِ كِتَابِ الْأَيْمَانِ فِيمَا إذَا أعتق [عتق] أو لم يَعْتِقْ قبل التَّكْفِيرِ فَلْيُعَاوَدْ هُنَاكَ وَتَقَدَّمَ أَيْضًا في أَوَّلِ كِتَابِ الزَّكَاةِ فَلْيُعَاوَدْ. قَوْلُهُ: فَأَمَّا الْقَتْلُ الْمُبَاحُ كَالْقِصَاصِ وَالْحُدُودِ وَقَتْلِ الْبَاغِي وَالصَّائِلِ فَلَا كَفَّارَةَ فيه بِلَا نِزَاعٍ إلَّا في الْبَاغِي إذَا قَتَلَهُ الْعَادِلُ فإنه حَكَى في التَّرْغِيبِ فيه وَجْهَيْنِ على رِوَايَةٍ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ. قَوْلُهُ: وفي الْقَتْلِ الْعَمْدِ وَشِبْهِهِ رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى فِيهِمَا أَمَّا الْعَمْدُ فَلَا تَجِبُ فيه الْكَفَّارَةُ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب منهم أبو بَكْرٍ وابن حَامِدٍ وَالْقَاضِي وَوَلَدُهُ أبو الْحُسَيْنِ وَالشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وأبو الْخَطَّابِ وَالشِّيرَازِيُّ وابن الْبَنَّا وَغَيْرُهُمْ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَالْمَشْهُورُ في الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ في قَتْلِ الْعَمْدِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَعَنْهُ تَجِبُ اخْتَارَهَا أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ قال الزَّرْكَشِيُّ وَزَعَمَ الْقَاضِي وَالشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا أَنَّ هذه الرِّوَايَةَ اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ قال وَلَيْسَ في كَلَامِهِ ما يَدُلُّ على ذلك وَكَذَا قال في الْهِدَايَةِ وَالْفُرُوعِ إنَّهُ اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ وَأَمَّا شِبْهُ الْعَمْدِ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ بِهِ نَصَّ عليه وَاخْتَارَهُ الشِّيرَازِيُّ وابن الْبَنَّا وَغَيْرُهُمَا وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْبُلْغَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ قال في الْفُرُوعِ وَيَلْزَمُ على الْأَصَحِّ قال الْمُصَنِّفُ لَا أَعْلَمُ لِأصحابنَا في شِبْهِ الْعَمْدِ في وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ قَوْلًا وَمُقْتَضَى الدَّلِيلِ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ وَالرِّوَايَةُ. الثَّانِيَةُ: لَا تَجِبُ كَالْعَمْدِ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ اخْتَارَهَا أبو بَكْرٍ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أنها اخْتِيَارُ أبي بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَكَذَا قال ابن مُنَجَّا وَاَلَّذِي حَكَاهُ الْأصحاب فيها إنَّمَا هو اخْتِيَارُ أبي بَكْرٍ فَقَطْ فَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ اطَّلَعَ على أَنَّهُ اخْتِيَارُ الْقَاضِي في مَوْضِعٍ من كَلَامِهِ .
تنبيه: قال الزَّرْكَشِيُّ وقد وَقَعَ لِأَبِي مُحَمَّدٍ في الْمُقْنِعِ إجْرَاءُ الرِّوَايَتَيْنِ في شِبْهِ الْعَمْدِ وهو ذُهُولٌ فَقَدْ قال في الْمُغْنِي لَا أَعْلَمُ لِأصحابنَا فيه قَوْلًا قال ابن مُنَجَّا بَعْدَ حِكَايَةِ كَلَامِهِ في الْمُغْنِي فَحِكَايَةُ الرِّوَايَةِ في شِبْهِ الْعَمْدِ وَقَعَتْ هُنَا سَهْوًا قال الشَّارِحُ بَعْدَ حِكَايَةِ كَلَامِهِ في الْمُغْنِي وقد ذَكَرَ شَيْخُنَا في الْكِتَابِ الْمَشْرُوحِ رِوَايَةً أَنَّهُ كَالْعَمْدِ لِأَنَّ دِيَتَهُ مُغَلَّظَةٌ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ ما اطَّلَعَ عليها إلَّا في هذا الْكِتَابِ انتهى. قُلْت وَهَذَا الصَّوَابُ وقد ذَكَرَ هذه الرِّوَايَةَ النَّاظِمُ وابن حَمْدَانَ في رِعَايَتَيْهِ وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ ولم يَتَعَرَّضُوا لِلنَّقْلِ فيها لَكِنْ قال النَّاظِمُ هِيَ بَعِيدَةٌ وقد عَلَّلَهَا الشَّارِحُ فقال لِأَنَّ دِيَتَهُ مُغَلَّظَةٌ فَكَانَتْ كَالْعَمْدِ
فائدتان: إحْدَاهُمَا: من لَزِمَتْهُ كَفَّارَةٌ فَفِي مَالِهِ مُطْلَقًا على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ ما حَمَلَهُ بَيْتُ الْمَالِ من خَطَأِ الْإِمَامِ وَحَاكِمٍ فَفِي بَيْتِ الْمَالِ وَيُكَفِّرُ الْوَلِيُّ عن غَيْرِ مُكَلَّفٍ من مَالِهِ. الثَّانِيَةُ: نَقَلَ مُهَنَّا الْقَتْلُ له كَفَّارَةٌ وَالزِّنَا له كَفَّارَةٌ وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ ليس بَعْدَ الْقَتْلِ شَيْءٌ أَشَدُّ من الزنى بَابُ الْقَسَامَةِ. قَوْلُهُ: وَهِيَ الْأَيْمَانُ الْمُكَرَّرَةُ في دَعْوَى الْقَتْلِ مُرَادُهُ قَتْلُ مَعْصُومٍ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كان الْقَتْلُ عَمْدًا أو خَطَأً أَمَّا الْعَمْدُ فَلَا نِزَاعَ فيه بِشُرُوطِهِ وَأَمَّا الْخَطَأُ فَيَأْتِي في كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: وَلَا تَثْبُتُ إلَّا بِشُرُوطٍ أَرْبَعَةٍ أَحَدُهَا دَعْوَى الْقَتْلِ ذَكَرًا كان الْمَقْتُولُ أو أُنْثَى حُرًّا أو عَبْدًا مُسْلِمًا أو ذِمِّيًّا وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ لَا قَسَامَةَ في عَبْدٍ وَكَافِرٍ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ لِأَنَّهَا عِنْدَهُ لَا تُشْرَعُ إلَّا فِيمَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ كَذَا فَهِمَ الْمُصَنِّفُ منه وَاخْتَارَهُ وَيَأْتِي قَرِيبًا. قَوْلُهُ: الثَّانِي اللَّوْثُ وَهِيَ الْعَدَاوَةُ الظَّاهِرَةُ كَنَحْوِ ما كان بين الْأَنْصَارِ وَأَهْلِ خَيْبَرَ وَكَمَا بين الْقَبَائِلِ التي يَطْلُبُ بَعْضُهَا بَعْضًا بِثَأْرٍ في ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وهو الْمَذْهَبُ كما قال وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ قال في الْهِدَايَةِ هذا اخْتِيَارُ عَامَّةِ شُيُوخِنَا وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَيَدْخُلُ في ذلك لو حَصَلَ عَدَاوَةٌ مع سَيِّدِ عَبْدٍ وَعَصَبَتِهِ فَلَوْ وُجِدَ قَتِيلٌ في صَحْرَاءَ وَلَيْسَ معه غَيْرُ عَبْدِهِ كان ذلك لَوْثًا في حَقِّ الْعَبْدِ وَلِوَرَثَةِ سَيِّدِهِ الْقَسَامَةُ قَالَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ ما يَدُلُّ على أَنَّهُ ما يَغْلِبُ على الظَّنِّ صِحَّةُ الدَّعْوَى بِهِ كَتَفَرُّقِ جَمَاعَةٍ عن قَتِيلٍ وَوُجُودِ قَتِيلٍ عِنْدَ من معه سَيْفٌ مُلَطَّخٌ بِدَمٍ وَشَهَادَةِ جَمَاعَةٍ مِمَّنْ لَا يَثْبُتُ الْقَتْلُ بِشَهَادَتِهِمْ كَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَعَدْلٍ وَاحِدٍ وَفَسَقَةٍ وَنَحْوِ ذلك وَاخْتَارَ هذه الرِّوَايَةَ أبو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ وابن رَزِينٍ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحْمَةُ اللَّهِ عليهم وَغَيْرُهُمْ قُلْت وهو الصَّوَابُ وَعَنْهُ إذَا كان عَدَاوَةٌ أو عَصَبِيَّةٌ نَقَلَهَا عَلِيُّ بن سَعِيدٍ وَعَنْهُ يُشْتَرَطُ مع الْعَدَاوَةِ أَثَرُ الْقَتْلِ في الْمَقْتُولِ اخْتَارَهَا أبو بَكْرٍ كَدَمٍ من أُذُنِهِ وَفِيهِ من أَنْفِهِ وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابن رزين وَالْفُرُوعِ وقال وَيَتَوَجَّهُ أو من شَفَتِهِ قال في الْمُحَرَّرِ وَهَلْ يَقْدَحُ فيه فَقْدُ أَثَرِ الْقَتْلِ على رِوَايَتَيْنِ وقال في التَّرْغِيبِ ليس ذلك أَثَرًا وَاشْتَرَطَ الْقَاضِي أَنْ لَا يَخْتَلِطَ بِالْعَدُوِّ غَيْرُهُ وَالْمَنْصُوصُ عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ وقال ابن عَقِيلٍ إنْ ادَّعَى قَتِيلٌ على مَحَلَّةِ بَلَدٍ كَبِيرٍ يَطْرُقُهُ غَيْرُ أَهْلِهِ ثَبَتَتْ الْقَسَامَةُ في رِوَايَةٍ. قَوْلُهُ: فَأَمَّا قَوْلُ الْقَتِيلِ فُلَانٌ قَتَلَنِي فَلَيْسَ بِلَوْثٍ وهو الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأصحاب وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ أَذْهَبُ إلَى الْقَسَامَةِ إذَا كان ثَمَّ لَطْخٌ إذَا كان ثَمَّ سَبَبٌ بَيِّنٌ إذَا كان ثَمَّ عَدَاوَةٌ إذَا كان مِثْلُ الْمُدَّعَى عليه يَفْعَلُ مِثْلَ هذا. قَوْلُهُ: وَمَتَى ادَّعَى الْقَتْلَ مع عَدَمِ اللَّوْثِ عَمْدًا فقال الْخِرَقِيُّ لَا يُحْكَمُ له بِيَمِينٍ وَلَا بِغَيْرِهَا وهو إحْدَى الرِّوَايَاتِ قال في الْفُرُوعِ وَهِيَ أَشْهَرُ وَعَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ يَحْلِفُ يَمِينًا وَاحِدَةً وَهِيَ الْأَوْلَى وهو الصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ قال الزَّرْكَشِيُّ وَالْقَوْلُ بِالْحَلِفِ هو الْحَقُّ وَصَحَّحَهُ في الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمَا وَاخْتَارَهُ أبو الْخَطَّابِ وابن الْبَنَّا وَغَيْرُهُمَا وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ يَحْلِفُ خَمْسِينَ يَمِينًا.
فائدة: حَيْثُ حَلَفَ الْمُدَّعَى عليه فَلَا كَلَامَ وَحَيْثُ امْتَنَعَ لم يُقْضَ عليه بِالْقَوَدِ بِلَا نِزَاعٍ وَهَلْ يُقْضَى عليه بِالدِّيَةِ فيه رِوَايَتَانِ وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ وَصَاحِبُ الرِّعَايَتَيْنِ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ وَأَمَّا الدِّيَةُ فَتَثْبُتُ بِالنُّكُولِ عِنْدَ من يُثْبِتُ الْمَالَ بِهِ أو تُرَدُّ الْيَمِينُ على الْمُدَّعِي فَيَحْلِفُ يَمِينًا وَاحِدَةً قال في الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى بَعْدَ أَنْ أَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ قُلْت وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَحْلِفَ الْمُدَّعِي إنْ قُلْنَا بِرَدِّ الْيَمِينِ وَيَأْخُذُ الدِّيَةَ انتهى. وإذا لم يُقْضَ عليه فَهَلْ يخلي سَبِيلُهُ أو يُحْبَسُ على وَجْهَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ قُلْت الصَّوَابُ تَخْلِيَةُ سَبِيلِهِ على ما يَأْتِي. قَوْلُهُ: وَإِنْ كان خَطَأً حَلَفَ يَمِينًا وَاحِدَةً وهو الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَعَنْهُ يَحْلِفُ خَمْسِينَ يَمِينًا وَعَنْهُ تَلْزَمُهُ الدِّيَةُ. قَوْلُهُ: الثَّالِثُ اتِّفَاقُ الْأَوْلِيَاءِ في الدَّعْوَى فَإِنْ ادَّعَى بَعْضُهُمْ وَأَنْكَرَ بَعْضٌ لم تَثْبُتْ الْقَسَامَةُ هذا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَجَزَمَ بِهِ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ إنْ لم يُكَذِّبْ بَعْضُهُمْ بَعْضًا لم يَقْدَحْ. قَوْلُهُ: الرَّابِعُ أَنْ يَكُونَ في الْمُدَّعِينَ رِجَالٌ عُقَلَاءُ وَلَا مَدْخَلَ لِلنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ في الْقَسَامَةِ عَمْدًا كان أو خَطَأً وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وهو من مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ وَعِنْدَ ابن عقِيلٍ لِلنِّسَاءِ مَدْخَلٌ في الْقَسَامَةِ في قَتْلِ الْخَطَأِ فَعَلَى الْمَذْهَبِ إنْ كان في الْأَوْلِيَاءِ نِسَاءٌ أَقْسَمَ الرِّجَالُ فَقَطْ وَإِنْ كان الْجَمِيعُ نِسَاءً فَهُوَ كما لو نَكَلَ الْوَرَثَةُ .
فائدة: لَا مَدْخَلَ لِلْخُنْثَى في الْقَسَامَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَصَحَّحَهُ في النَّظْمِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَقِيلَ بَلَى وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيُّ. قَوْلُهُ: فَإِنْ كانا اثْنَيْنِ أَحَدُهُمَا غَائِبٌ أو غَيْرُ مُكَلَّفٍ فَلِلْحَاضِرِ الْمُكَلَّفِ أَنْ يَحْلِفَ وَيَسْتَحِقَّ نَصِيبَهُ من الدِّيَةِ هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْوَجِيزِ قال في الْفُرُوعِ حَلَفَ على الْأَصَحِّ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَغَيْرُهُمَا قال الزَّرْكَشِيُّ هذا الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ قال الْمُصَنِّفُ هُنَا وَالْأَوْلَى عِنْدِي أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ شيئا [شيء] حتى يَحْلِفَ الْآخَرُ فَلَا قَسَامَةَ إلَّا بَعْدَ أَهْلِيَّةِ الْآخَرِ وَمَحِلُّ الْخِلَافِ في غَيْرِ الْعَمْدِ قَالَهُ في الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: وَهَلْ يَحْلِفُ خَمْسِينَ يَمِينًا أو خَمْسًا وَعِشْرِينَ على وَجْهَيْنِ يَعْنِي إذَا قُلْنَا يَحْلِفُ وَيَسْتَحِقُّ نَصِيبَهُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ وَالْحَاوِي وَالزَّرْكَشِيُّ أَحَدُهُمَا يَحْلِفُ خَمْسِينَ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ في الْخِلَافِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَحْلِفُ خَمْسًا وَعِشْرِينَ اخْتَارَه ابن حَامِدٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ. قَوْلُهُ: وإذا قَدِمَ الْغَائِبُ أو بَلَغَ الصَّبِيُّ حَلَفَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ وَلَهُ بَقِيَّتُهَا سَوَاءٌ قُلْنَا يَحْلِفُ الْأَوَّلُ خَمْسِينَ أو خَمْسًا وَعِشْرِينَ وَهَذَا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْحَاوِي وَالرِّعَايَةِ وَاخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَقِيلَ يَحْلِفُ خَمْسِينَ وَحَكَى عن أبي بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَعَلَى هذا إنْ اخْتَلَفَ التَّعْيِينُ أَقْسَمَ كُلُّ وَاحِدٍ على من عَيَّنَهُ. قَوْلُهُ: وَذَكَرَ الْخِرَقِيُّ من شُرُوط الْقَسَامَةِ أَنْ تَكُونَ الدَّعْوَى عَمْدًا تُوجِبُ الْقِصَاصَ إذَا ثَبَتَ الْقَتْلُ وَأَنْ تَكُونَ الدَّعْوَى على وَاحِدٍ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ في الْقَسَامَةِ أَنْ تَكُونَ الدَّعْوَى عَمْدًا وَمَالَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَعَلَّلَهُ الزَّرْكَشِيُّ وقال هذا نَظَرٌ حَسَنٌ وَلَيْسَ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ بِالْبَيِّنِ في ذلك وقال غَيْرُهُ ليس بِشَرْطٍ وهو الْمَذْهَبُ قال الزَّرْكَشِيُّ لم أَرَ الْأصحاب عَرَّجُوا على كَلَامِ الْخِرَقِيِّ قال الشَّارِحُ وَعِنْدَ غَيْرِ الْخِرَقِيِّ من أصحابنَا تَجْرِي الْقَسَامَةُ فِيمَا لَا قَوَدَ فيه كما قال الْمُصَنِّفُ هُنَا وفي التَّرْغِيبِ عنه عَمْدًا وَالنَّصُّ أو خَطَأً وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَأَمَّا الدَّعْوَى على وَاحِدٍ فَإِنْ كانت الدَّعْوَى عَمْدًا مَحْضًا لم يُقْسِمُوا إلَّا على وَاحِدٍ مُعَيَّنٍ وَيَسْتَحِقُّونَ دَمَهُ وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ وَإِنْ كانت خَطَأً أو شِبْهَ عَمْدٍ فَالصَّحِيحُ من الْمَذْهَبِ وَالرِّوَايَتَيْنِ ليس لهم الْقَسَامَةُ وَلَا تُشْرَعُ على أَكْثَرَ من وَاحِدٍ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأصحاب منهم الْخِرَقِيُّ وأبو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ من أصحابهِ كَالشَّرِيفِ أبي جَعْفَرٍ وَأَبِي الْخَطَّابِ وَالشِّيرَازِيِّ وابن الْبَنَّاءِ وابن عَقِيلٍ وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ في الْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَمُنْتَخَبِ الآدمي وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ لهم الْقَسَامَةُ على جَمَاعَةٍ مُعَيَّنِينَ وَيَسْتَحِقُّونَ الدِّيَةَ وهو الذي قَالَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا أَنَّ غير الْخِرَقِيِّ قال ذلك وَتَابَعَهُ على ذلك الشَّارِحُ وابن مُنَجَّا في شَرْحِهِ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَقَدْ ذَكَرْنَا عن غَيْرِ الْخِرَقِيِّ من اخْتَارَ ذلك فَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ هل يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ من الْمُدَّعَى عليهم خَمْسِينَ يَمِينًا أو بِقِسْطِهِ منها فيه وَجْهَانِ وَأَطْلَقَهُمَا في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيُّ أَحَدُهُمَا يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ منهم خَمْسِينَ يَمِينًا قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالنَّظْمِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ بِقِسْطِهِ. قَوْلُهُ: وَيُبْدَأُ في الْقَسَامَةِ بِأَيْمَانِ الْمُدَّعِينَ فَيَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا وَيَخْتَصُّ ذلك بِالْوَارِثِ يَعْنِي الْعَصَبَةَ على ما تَقَدَّمَ وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عليه وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأصحاب وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَاخْتَارَه ابن حَامِدٍ وَغَيْرُهُ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَجَزَمَ بِهِ في الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَتَذْكِرَةِ ابن عبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْكَافِي وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ يَحْلِفُ من الْعَصَبَةِ الْوَارِثُ منهم وَغَيْرُ الْوَارِثِ نَصَرَهَا جَمَاعَةٌ من الْأصحاب منهم الشَّرِيفُ وأبو الْخَطَّابِ في خِلَافَيْهِمَا وَالشِّيرَازِيُّ وابن الْبَنَّاءِ قال الزَّرْكَشِيُّ وَالْقَاضِي فِيمَا أَظُنُّ فَيُقْسِمُ من عُرِفَ وَجْهُ نِسْبَتِهِ من الْمَقْتُولِ لَا أَنَّهُ من الْقَبِيلَةِ فَقَطْ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ وَسَأَلَهُ الْمَيْمُونِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ إنْ لم يَكُنْ أَوْلِيَاءٌ قال فَقَبِيلَتُهُ التي هو فيها أو أَقْرَبُهُمْ منه وَظَاهِرُ كَلَامِ أبي بَكْرٍ في التَّنْبِيهِ أَنَّهُمْ الْعَصَبَةُ الْوَارِثُونَ. قَوْلُهُ: فَإِنْ كان الْوَارِثُ وَاحِدًا حَلَفَهَا هذا الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ وَالْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْفُرُوعِ وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ لَا أَجْتَرِئُ عليه وفي مُخْتَصَرِ ابن رزين يَحْلِفُ وَلِيٌّ يَمِينًا وَعَنْهُ خَمْسُونَ.
فوائد: إحْدَاهَا في اعْتِبَارِ كَوْنِ الْأَيْمَانِ الْخَمْسِينَ في مَجْلِسٍ وَاحِدٍ وَجْهَانِ أَصْلُهُمَا الْمُوَالَاةُ وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ أَحَدُهُمَا لَا يُعْتَبَرُ كَوْنُ ذلك في مَجْلِسٍ وَاحِدٍ قَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي يُعْتَبَرُ فَلَوْ حَلَفَ ثُمَّ جُنَّ ثُمَّ أَفَاقَ أو عُزِلَ الْحَاكِمُ بَنَى لَا وَارِثُهُ. الثَّانِيَةُ: وُرَّاثُ الْمُسْتَحِقِّ كَالْمُسْتَحِقِّ بِالْأَصَالَةِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ قال في الْمُنْتَخَبِ إنْ لم يَكُنْ طَالِبٌ فَلَهُ الْحَقُّ ابْتِدَاءً وَلَا بُدَّ من تَفْصِيلِ الدَّعْوَى في يَمِينِ الْمُدَّعِي. الثَّالِثَةُ: مَتَى حَلَفَ الذُّكُورُ فَالْحَقُّ لِلْجَمِيعِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَقِيلَ الْعَمْدُ لِذُكُورِ الْعَصَبَةِ. الرَّابِعَةُ: يُشْتَرَطُ حُضُورُ الْمُدَّعَى عليه وَقْتَ يَمِينِهِ كَالْبَيِّنَةِ عليه وَحُضُورُ الْمُدَّعِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَاقْتَصَرَ عليه في الْفُرُوعِ. قَوْلُهُ: فَإِنْ لم يَحْلِفُوا حَلَفَ المدعي عليه خَمْسِينَ يَمِينًا وَبَرِئَ وَكَذَلِكَ إنْ كَانُوا نِسَاءً وَهَذَا الْمَذْهَبُ في ذلك كُلِّهِ قال الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ هذا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ قال الزَّرْكَشِيُّ هذا هو الْمَذْهَبُ الْمَعْرُوفُ وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَغَيْرُهُمَا وَقَدَّمَهُ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَعَنْهُ يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عليه في الخطأ وَيَغْرَمُ الدِّيَةَ وَعَنْهُ يُؤْخَذُ من بَيْتِ الْمَالِ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَقَدَّمَ في الْمُوجَزِ يَحْلِفُ يَمِينًا وَاحِدَةً وهو رِوَايَةٌ في التَّبْصِرَةِ وقال في الْمُسْتَوْعِبِ لَا يَصِحُّ يَمِينُهُ إلَّا بِقَوْلِهِ ما قَتَلْته وَلَا أَعَنْت عليه وَلَا تَسَبَّبْت لِئَلَّا يُتَأَوَّلَ انتهى. وقد تَقَدَّمَ إذَا قُلْنَا تَصِحُّ الدَّعْوَى في الخطأ وَشِبْهِهِ على جَمَاعَةٍ هل يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ خَمْسِينَ يَمِينًا أو قِسْطَهُ منها فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: فَإِنْ لم يَحْلِفْ الْمُدَّعُونَ ولم يَرْضَوْا بِيَمِينِ الْمُدَّعَى عليه فَدَاهُ الْإِمَامُ من بَيْتِ الْمَالِ بِلَا نِزَاعٍ. قَوْلُهُ: وَإِنْ طَلَبُوا أَيْمَانَهُمْ فَنَكَلُوا لم يُحْبَسُوا هذا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ وَجَزَمَ بِهِ في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ في الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِمْ وَعَنْهُ يُحْبَسُونَ حتى يُقِرُّوا أو يَحْلِفُوا وَأَطْلَقَهُمَا في الْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيُّ. قَوْلُهُ: وَهَلْ تَلْزَمُهُمْ الدِّيَةُ أو تَكُونُ في بَيْتِ الْمَالِ على رِوَايَتَيْنِ يَعْنِي إذَا نَكَلُوا وَقُلْنَا إنَّهُمْ لَا يُحْبَسُونَ وَأَطْلَقَهُمَا في الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْهَادِي وَالْفُرُوعِ وَالزَّرْكَشِيُّ إحْدَاهُمَا: تَلْزَمُهُمْ الدِّيَةُ وهو الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ أبو بَكْرٍ وَالشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ وأبو الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُمْ وَصَحَّحَهُ الشَّارِحُ وَالنَّاظِمُ قال في الْفُرُوعِ وَهِيَ أَظْهَرُ وَقَدَّمَهُ في الرِّعَايَتَيْنِ وَالرِّوَايَةُ. الثَّانِيَةُ: تَكُونُ في بَيْتِ الْمَالِ وَقَدَّمَهُ في الْمُحَرَّرِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَبَنَى الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ رِوَايَتَيْ الْحَبْسِ وَعَدَمِهِ على هذه الرِّوَايَةِ وهو وَاضِحٌ
فائدتان: إحْدَاهُمَا: لو رَدَّ الْمُدَّعَى عليه الْيَمِينَ على الْمُدَّعِي فَلَيْسَ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَحْلِفَ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وقال في التَّرْغِيبِ على رَدِّ الْيَمِينِ وَجْهَانِ وَأَنَّهُمَا في كُلٍّ نُكُولٌ عن يَمِينٍ مع الْعَوْدِ إلَيْهَا في مَقَامٍ آخَرَ هل له ذلك لِتَعَدُّدِ الْمَقَامِ أَمْ لَا لِنُكُولِهِ مَرَّةً. الثَّانِيَةُ: يفدي مَيِّتٌ في زَحْمَةٍ كَجُمُعَةٍ وَطَوَافٍ من بَيْتِ الْمَالِ على الصَّحِيحِ من الْمَذْهَبِ وَعَنْهُ هَدَرٌ وَعَنْهُ هَدَرٌ في صَلَاةٍ لَا حَجٍّ لِإِمْكَانِ صَلَاتِهِ في غَيْرِ زِحَامٍ خَالِيًا.
|